النزول: اختلف في من نزلت فيه هذه الآية، فقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان جالسا في ظل شجرة، فقال: إنه سيأتيكم انسان، فينظر إليكم بعيني الشيطان. فلم يلبثوا أن طلع رجل أزرق، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فانطلق الرجل، فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا. فأنزل الله هذه الآية، عن ابن عباس.
وقيل: خرج المنافقون مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى تبوك، فكانوا إذا خلا بعضهم ببعض، سبوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، وطعنوا في الدين. فنقل ذلك حذيفة إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال لهم: ما هذا الذي بلغني عنكم؟ فحلفوا بالله ما قالوا شيئا من ذلك، عن الضحاك.
وقيل: نزلت في جلاس بن سويد بن الصامت، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطب ذات يوم بتبوك، وذكر المنافقين فسماهم رجسا، وعابهم، فقال الجلاس:
والله لئن كان محمد صادقا فيما يقول، فنحن شر من الحمير! فسمعه عامر بن قيس، فقال: أجل والله! إن محمدا لصادق، وأنتم شر من الحمير! فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة، أتاه عامر بن قيس، فأخبره بما قال الجلاس، فقال الجلاس: كذب يا رسول الله. فأمرهما رسول الله أن يحلفا عند المنبر، فقام الجلاس عند المنبر، فحلف بالله ما قال، ثم قام عامر، فحلف بالله لقد قاله. ثم قال: اللهم أنزل على نبيك الصادق منا الصدق. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنون:
آمين. فنزل جبرائيل عليه السلام قبل أن يتفرقا بهذه الآية، حتى بلغ (فإن يتوبوا يك خيرا لهم) فقام الجلاس، فقال: يا رسول الله! أسمع الله قد عرض علي التوبة، صدق عامر بن قيس فيما قال لك، لقد قلته، وأنا أستغفر الله، وأتوب إليه. فقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذلك منه، عن الكلبي، ومحمد بن إسحاق، ومجاهد.
وقيل: نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول، حين قال: لئن رجعنا إلى المدينة، ليخرجن الأعز منها الأذل، عن قتادة. وقيل: نزلت في أهل العقبة، فإنهم ائتمروا في أن يغتالوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في عقبة عند مرجعهم من تبوك، وأرادوا أن يقطعوا انساع راحلته (1)، ثم ينخسوا به، فأطلعه الله تعالى على ذلك، وكان من