ويمتثلون طاعة الله ورسوله، ويتبعون إراداتهما ورضاهما (أولئك سيرحمهم الله) أي: الذين هذه صفتهم يرحمهم الله في الآخرة (إن الله عزيز حكيم) أي: قادر على الرحمة والعذاب، واضع كل واحد منهما موضعه.
وفي الآية دلالة على أن الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، من فروض الأعيان، لأنه جعلهما من صفات جميع المؤمنين، ولم يخص قوما منهم دون قوم (وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار) أي: من تحت أشجارها الأنهار، والماء فيها (خالدين فيها ومساكن طيبة) يطيب العيش فيها، بناها الله تعالى من اللآلئ، والياقوت الأحمر، والزبرجد الأخضر، لا أذى فيها، ولا وصب (1)، ولا نصب، عن الحسن (في جنات عدن) أي: في جنات إقامة وخلد.
وقيل: هي بطنان الجنة، أي: وسطها، عن ابن مسعود. وقيل: هي مدينة في الجنة، وفيها الرسل، والأنبياء، والشهداء، وأئمة الهدى، والناس حولهم، والجنان حولها، عن الضحاك. وقيل: إن عدنا أعلى درجة في الجنة. وفيها عين التسنيم، والجنان حولها محدقة بها، وهي مغطاة من يوم خلقها الله، عز وجل، حتى ينزلها أهلها الأنبياء، والصديقون، والشهداء، والصالحون، ومن شاء الله.
وفيها قصور الدر، واليواقيت، والذهب، فتهب ريح طيبة من تحت العرش، فتدخل عليهم كثبان المسك الأبيض، عن مقاتل، والكلبي.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: عدن دار الله التي لم ترها عين، ولم تخطر على قلب بشر، لا يسكنها غير ثلاثة: النبيين، والصديقين، والشهداء، يقول الله، عز وجل: طوبى لمن دخلك (ورضوان من الله أكبر) رفع على الابتداء، أي: ورضا الله تعالى عنهم أكبر من ذلك كله. قال الجبائي: إنما صار الرضوان أكبر من الثواب، لأنه لا يوجد شئ منه إلا بالرضوان، وهو الداعي إليه، الموجب له. وقال الحسن: لأن ما يصل إلى القلب من السرور برضوان الله، أكبر من جميع ذلك، وإنما رفع رضوان لأنه استأنفه للتعظيم، كما يقول القائل أعطيتك ووصلتك، ثم يقول وحسن رأيي فيك، ورضاي عنك، خير من جميع ذلك.
(ذلك هو الفوز العظيم) أي: ذلك النعيم الذي وصفت، هو النجاح العظيم الذي لا شئ أعظم منه. ثم أمر سبحانه بالجهاد، فقال: (يا أيها الني جاهد