الخاسرون) خسروا أنفسهم وأهلكوها بفعل المعاصي المؤدية إلى الهلاك.
ووردت الرواية، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية: ما أشبه الليلة بالبارحة كالذين من قبلكم، هؤلاء بنو إسرائيل شبهنا بهم، لا أعلم إلا أنه قال: والذي نفسي بيده! لتتبعنهم حتى لو دخل الرجل منهم جحر ضب لدخلتموه. وروي مثل ذلك عن أبي هريرة، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لتأخذن كما أخذت الأمم من قبلكم، ذراعا بذراع، وشبرا بشبر، وباعا بباع، حتى لو أن أحدا من أولئك دخل جحر ضب، لدخلتموه! قالوا: يا رسول الله! كما صنعت فارس، والروم، وأهل الكتاب؟ قال: فهل الناس إلا هم؟ وقال عبد الله بن مسعود: أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل، سمتا وهديا (1)، تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة (2)، غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا. وقال حذيفة: المنافقون الذين فيكم اليوم، شر من المنافقين الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قلنا: وكيف؟ قال: أولئك كانوا يخفون نفاقهم، وهؤلاء أعلنوه. أورد ذلك جميعا الثعلبي في تفسيره.
ثم قال سبحانه (ألم يأتهم) أي: ألم يأت هؤلاء المنافقين الذين وصفهم (نبأ الذين من قبلهم) أي: خبر من كان قبلهم (قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين): ذكر سبحانه الأمم الماضية، والقرون السالفة، وانه سبحانه أهلكها، ودمر عليها، لتكذيبها رسلها، لئلا يأمنوا أن ينزل بهم مثل ما نزل بأولئك، فأهلك سبحانه قوم نوح بالغرق، وعادا قوم هود بالريح الصرصر، وثمود قوم صالح بالرجفة، وقوم إبراهيم بسلب النعمة، وهلاك نمرود، وأصحاب مدين وهي البلدة التي فيها قوم شعيب بعذاب يوم الظلة. وقيل: إن مدين اسم نسبت البلد إليه وقد مر ذكره.
(والمؤتفكات) أي: المنقلبات، وهي ثلاث قرى، كان فيها قوم لوط، ولذلك جمعها بالألف والتاء، عن الحسن، وقتادة. وقال في موضع آخر.
(والمؤتفكة أهوى) فجاء بها على طريق الجنس، أهلكهم الله بالخسف، وقلب المدينة عليهم (أتتهم رسلهم بالبينات) أي: بالحجج والمعجزات (فما كان الله