وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن في الجنة نهرا يقال له رجب، ماؤه أشد بياضا من الثلج، وأحلى من العسل، من صام يوما من رجب، شرب منه.
وشعبان: سمي بذلك، لتشعب القبائل فيه عن أبي عمرو. وروى زياد بن ميمون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: إنما سمي شعبان، لأنه يشعب فيه خير كثير لرمضان. وشهر رمضان: سمي بذلك لأنه يرمض الذنوب. وقيل: سمي بذلك، لشدة الحر.
وقيل: إن رمضان من أسماء الله. وشوال: سمي بذلك، لأن القبائل كانت تشول فيه اي: تبرح عن أمكنتها. وقيل لشولان النوق أذنابها فيه. ذو القعدة: سمي بذلك لقعودهم فيه عن القتال. وذو الحجة: لقضاء الحج فيه.
(ذلك الدين القيم) أي: ذلك الحساب المستقيم الصحيح، لا ما كانت العرب تفعله من النسئ، ومنه قوله: الكيس من دان نفسه أي: حاسبها. وسمي الحساب دينا: لوجوب الدوام عليه، ولزومه كلزوم الدين والعبادة. وقيل: معناه ذلك القضاء المستقيم الحق، عن الكلبي. وقيل: معناه ذلك الدين تعبد به فهو اللازم.
(فلا تظلموا فيهن) أي في هذه الشهور كلها، عن ابن عباس. وقيل: في هذه الأشهر الحرم الأربعة، عن قتادة، واختاره الفراء قال: لأنه لو أراد الاثني عشر شهرا لقال فيها (أنفسكم) بترك أوامر الله، وارتكاب نواهيه، وإذا عاد الضمير إلى جميع الشهور، فإنه يكون نهيا عن الظلم في جميع العمر، وإذا عاد إلى الأشهر الحرم، ففائدة التخصيص أن الطاعة فيها أعظم ثوابا، والمعصية أعظم عقابا، وذلك حكم الله في جميع الأوقات الشريفة، والبقاع المقدسة.
(وقاتلوا المشركين كافة) أي: قاتلوهم جميعا مؤتلفين غير مختلفين (كما يقاتلونكم كافة) أي: جميعا كذلك، فتكون كافة حالا عن المسلمين، ويجوز أن تكون حالا من المشركين أي: قاتلوا المشركين جميعا، ولا تمسكوا منهم بعهد ولا ذمة، إلا من كان من أهل الجزية وأعطاها عن صغار، والظاهر هو الأول. وقيل:
معناه قاتلوهم خلفا بعد سلف، كما أنه يخلف بعضهم بعضا في قتالكم، عن الأصم (واعلموا أن الله مع المتقين) بالنصرة والولاية. وفي هذه الآية دلالة على أن الاعتبار في السنين بالشهور القمرية لا بالشمسية، والأحكام الشرعية معلقة بها، وذلك لما علم الله سبحانه فيه من المصلحة، ولسهولة معرفة ذلك على الخاص والعام.