مبتدأ ثان. وقوله (وجد في رحله) صفة لمن. وقوله: (فهو جزاؤه) خبر لمن.
والجملة خبر قوله (جزاؤه). والتقدير: جزاؤه انسان وجد في رحله الصاع فهو هو إلا أنه وضع الظاهر موضع المضمر. قال: وليس في التنزيل من نكرة إلا في هذا الموضع. وموضع الكاف من (كذلك كدنا) نصب بأنه صفة مصدر محذوف.
وموضع (أن يشاء الله) نصب لما سقطت الباء أفضى الفعل إليها فنصب، والتقدير:
إلا بمشيئة الله.
المعنى: ثم أخبر سبحانه عن دخولهم عليه، فقال: (ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه) أي: لما دخل أولاد يعقوب على يوسف، ضم إليه أخاه من أبيه وأمه ابن يامين، وأنزله معه، عن الحسن، وقتادة. وقيل: إنهم لما دخلوا عليه، قالوا:
هذا أخونا الذي أمرتنا أن نأتيك به، فقال: أحسنتم. ثم أنزلهم وأكرمهم، ثم أضافهم، وقال: ليجلس كل بني أم على مائدة، فجلسوا فبقي ابن يامين قائما فردا، فقال له يوسف: مالك لا تجلس؟ قال: إنك قلت ليجلس كل بني أم على مائدة، وليس لي فيهم ابن أم. فقال يوسف: أفما كان لك ابن أم؟ قال: بلى. قال يوسف: فما فعل؟ قال زعم هؤلاء أن الذئب أكله! قال: فما بلغ من حزنك عليه؟
قال: ولد لي أحد عشر ابنا، كلهم اشتققت له اسما من اسمه. فقال له يوسف:
أراك قد عانقت النساء، وشممت الولد من بعده! قال ابن يامين: إن لي أبا صالحا، وقد قال لي: تزوج لعل الله يخرج منك ذرية تثقل الأرض بالتسبيح. فقال له يوسف: تعال فاجلس معي على مائدتي. فقال إخوة يوسف: لقد فضل الله يوسف وأخاه حتى أن الملك قد أجلسه معه على مائدته، روي ذلك عن الصادق عليه السلام.
(قال إني أنا أخوك) أي: أطلعه على أنه أخوه. وقيل: إنه قال: أنا أخوك مكان أخيك الهالك، ولم يعترف له بالنسبة، ولم يطلعه على أنه أخوه، ولكنه أراد أن يطيب نفسه (فلا تبتئس بما كانوا يعملون) أي: فلا تسكن، ولا تحزن لشئ سلف من إخوتك إليك، عن وهب، والشعبي (فلما جهزهم بجهازهم) أي: فلما أعطاهم ما جاؤوا لطلبه من الميرة، وكال لهم الطعام الذي جاؤوا لأجله، وجعل لكل منهم حمل بعير، ويسمى حمل التاجر جهازا (جعل السقاية في رحل أخيه) معناه:
أمر حتى جعل الصاع في متاع أخيه، وإنما أضاف الله تعالى ذلك إليه، لوقوعه بأمره. وقيل: إن السقاية هي المشربة التي كان يشرب منها الملك، ثم جعل صاعا