عليه من سوء وخيانة، وما فعل شيئا مما نسب إليه، واعترفن ببراءته، وبأنه حبس مظلوما.
(قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق) أي: ظهر وتبين، وحصل على أمكن وجوهه، عن ابن عباس، ومجاهد، وقتادة. وكأن معناه: انقطع الحق عن الباطل بظهوره وبيانه. (انا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) في قوله: (هي راودتني عن نفسي) اعترفت بالكذب على نفسها فيما اتهم يوسف به. وإنما حملها على الصدق انقطاع طمعها منه، فجمع الله ليوسف في إظهار براءته ونزاهته، عما قذف به بين الشهادة والإقرار حتى لا يبقى موضع شك. (ذلك ليعلم) هذا من كلام يوسف أي: ذلك الذي فعلت من ردي رسول الملك إليه في شأن النسوة، ليعلم الملك، أو العزيز (أني لم أخنه بالغيب) في زوجته أي: في حال غيبته عني، عن الحسن، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وأبي مسلم. واتصل كلام يوسف بكلام امرأة العزيز، لظهور الدلالة على المعنى، ونظيره قوله تعالى: (وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون) وقوله: (يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره) وهو من كلام الملأ. ثم قال فماذا تأمرون وهو حكاية عن قول فرعون. قال الفراء. وهذا من أغمض ما يأتي في الكلام أن يحكي عن واحد، ثم يعدل إلى شئ آخر، من قول آخر، لم يجر له ذكر. وقيل: بل هو من كلام امرأة العزيز أي: ذلك الإقرار ليعلم يوسف أني لم أخنه في غيبته بتوريك الذنب عليه، وإن خنته بحضرته، وعند مشاهدته، عن الجبائي.
(وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) أي: لا يهديهم في كيدهم، ومكرهم (وما أبرئ نفسي) هذا من كلام يوسف، عند أكثر المفسرين. وقيل: بل هو من كلام امرأة العزيز، عن الجبائي أي: ما أبرئ نفسي عن السوء والخيانة في أمر يوسف (إن النفس لأمارة بالسوء) أي كثيرة الأمر بالسوء، والشهوة قد تدعو الانسان إلى المعصية. والألف واللام للجنس، فيكون المعنى: إن كل النفوس، كذلك.
ويجوز أن يكون للعهد، فيكون المعنى: إن نفسي بهذه الصفة. (إلا ما رحم ربي) أي: إلا من رحمه الله تعالى، فعصمه بأن لطف له، فيكون (ما) بمعنى من كقوله (ما طاب لكم). ويجوز أن يكون معناه الا مدة ما عصم ربي. ومن قال إنه من كلام يوسف، قال: إنه أراد الدعاء والمنازعة والشهوة، ولم يرد العزم على المعصية أي: