فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين (42).
اللغة: الصاحب: الملازم لغيره على وجه الإختصاص، وهو خلاف ملازمة الاتصال ومنه أصحاب الشافعي، وأصحاب أبي حنيفة وأصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لملازمتهم له، وكونهم معه في حروبه، وصاحبا السجن: هما الملازمان له بالكون فيه. والقيم: المستقيم، وأصله من قام يقوم. والاستفتاء: طلب الفتيا. والبضع:
القطعة من الدهر، وأصله من القطع. والبضعة: القطعة من اللحم. ومنه الحديث: فاطمة بضعة مني يؤذيني من آذاها.
المعنى: (يا صاحبي السجن) هذا حكاية نداء يوسف للمستفتين له عن تأويل رؤياهما أي: يا ملازمي السجن (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) أي:
أأملاك متباينون من حجر وخشب، لا تضر ولا تنفع، خير لمن عبدها، أم الله الواحد القهار الذي إليه الخير والشر، والنفع والضر؟ وهذا ظاهره الاستفهام، والمراد به التقرير، وإلزام الحجة. والقاهر: هو القادر الذي لا يمتنع عليه شئ ما (ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان) ابتدأ بخطاب اثنين، ثم خاطب بلفظ الجمع، لأنه قصد جميع من هو في مثل حالهما. وقيل: انه خطاب لجميع من في الحبس، ومعناه: إن هذه الأصنام التي تعبدونها من دون الله، وسميتموها بأسماء يعني الأرباب والآلهة، هي أسماء فارغة عن المعاني لا حقيقة لها، ما أنزل الله من حجة بعبادتها (ان الحكم إلا لله) أي: ما الحكم والأمر إلا لله، فلا يجوز العبادة، والخضوع، والتذلل، إلا لله.
(أمر ألا تعبدوا إلا إياه) أي: وقد أمركم أن لا تعبدوا غيره (ذلك) أي:
ذلك الذي بينت لكم من توحيده وعبادته، وترك عبادة غيره (الدين القيم) أي:
الدين المستقيم الذي لا عوج فيه (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) قال ابن عباس: ما للمطيعين من الثواب، وللعاصين من العقاب. وقيل: لا يعلمون صحة ما أقول لعدولهم عن النظر والاستدلال. ثم عبر عليه السلام رؤياهما فقال: (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا) بدأ بما هو الأهم، وهو الدعاء إلى توحيد الله وعبادته، وإظهار معجزته. ثم بتعبير رؤيا الساقي، فروي أنه قال: أما العناقيد الثلاثة: فإنها ثلاثة أيام تبقى في السجن، ثم يخرجك الملك اليوم الرابع، وتعود إلى ما كنت