تفيد معنى إلى أي: إن كنتم توجهون العبارة إلى الرؤيا (قالوا أضغاث أحلام) أي:
هذه أباطيل أحلام عن الكلبي. وقيل: تخاليط أحلام، عن قتادة. والمعنى: هذا منامات كاذبة لا يصح تأويلها (وما نحن بتأويل الأحلام) التي هذه صفتها (بعالمين) وإنا نعلم تأويل ما يصح، وكان جهل الملأ بتأويل رؤيا الملك، سبب نجاة يوسف، لأن الساقي تذكر حديث يوسف، فجثا بين يديه، وقال: يا أيها الملك! إني قصصت أنا وصاحب الطعام على رجل في السجن منامين، فخبر بتأويلهما، وصدق في جميع ما وصف، فإن أذنت مضيت إليه، وأتيتك من قبله بتفسير هذه الرؤيا فذلك قوله (وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون) عن الكلبي.
وقوله: (واذكر بعد أمة) معناه: تذكر شأن يوسف، وما وصاه به، بعد حين من الدهر، وزمان طويل، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة. وههنا حذف يدل الكلام عليه، وهو: فأرسلون إلى يوسف، فأرسل فأتى يوسف في السجن، وقال له: (يوسف) أي: يا يوسف (أيها الصديق) أي: الكثير الصدق فيما تخبر به (أفتنا في سبع بقرات سمان) إلى قوله (يابسات) فإن الملك رأى هذه الرؤيا، واشتبه تأويلها (لعلي أرجع إلى الناس) يعني الملك، وأصحابه، والعلماء الذين جمعهم لتعبير رؤياه.
(لعلهم يعلمون) فضلك وعلمك، فيخرجوك من السجن. وقيل: لعلهم يعرفون تأويل رؤيا الملك (قال) يوسف في جوابه معبرا ومعلما: أما البقرات السبع العجاف، والسنابل السبع اليابسات، فالسنون الجدبة. وأما السبع السمان، والسنابل السبع الخضر: فإنهن سبع سنين مخصبات، ذوات نعمة، وأنتم تزرعون فيها، فذلك قوله (تزرعون سبع سنين دأبا) أي: فازرعوا سبع سنين متوالية، عن ابن عباس، أي: زراعة متوالية في هذه السنين على عادتكم في الزراعة سائر السنين. وقيل: دأبا أي بجد واجتهاد في الزراعة. ويجوز أن يكون حالا فيكون معناه تزرعون دائبين (فما حصدتم) من الزرع (فذروه) اتركوه (في سنبله) لا تذروه، ولا تدوسوه (إلا قليلا مما تأكلون) وإنما أمرهم بذلك، ليكون أبقى وأبعد من الفساد، يعني: ان ما أردتم أكله فدوسوه، واتركوا الباقي في السنبل. وقيل: إنما أمرهم بذلك لأن السنبل لا يقع فيه سوس، ولا يهلك، وان بقي مدة من الزمان.
وإذا صفي أسرع إليه الهلاك (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد) أي: سبع سنين