أي: جماعة من النساء في المصر الذي كان فيه الملك، وزوجته، ويوسف (امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه) أي: امرأة العزيز تدعو مملوكها إلى نفسها، ليفجر بها (قد شغفها حبا) أي: أحبته حبا دخل شغاف قلبها (إنا لنراها في ضلال مبين) أي: في خطأ بين، وذهاب عن طريق الرشد بدعائها مملوكها إلى الفجور بها. قال الكلبي: هن أربع نسوة: امرأة ساقي الملك، وامرأة الخباز، وامرأة صاحب الدواب، وامرأة صاحب السجن. وقال مقاتل: كن خمسا، وزاد امرأة الحاجب.
(فلما سمعت بمكرهن) أي: لما سمعت المرأة بتعييرهن إياها، وقصدهن إشاعة أمرها، وسماه مكرا لأن قصدهن من هذا القول كان أن تريهن يوسف لما وصف لهن من حسنه، فخالف ظاهر الكلام باطنه، فسمي ذلك مكرا. وقيل: لأنها أظهرت لهن حبها إياه، واستكتمتهن ذلك، فأظهرنه فسمي ذلك مكرا (أرسلت إليهن) فاستضافتهن. قال وهب: اتخذت مأدبة، ودعت أربعين امرأة منهن (واعتدت لهن متكأ) أي: وأعدت لهن وسائد يتكين عليها، عن ابن عباس. والاتكاء: الميل إلى أحد الشقين. وقيل: أراد بقوله (متكأ) الطعام، من قول العرب اتكأنا عند فلان أي: أطعمنا عنده، وأصله: إن من دعي إلى طعام يعد له المتكأ، فيسمى الطعام متكأ على الاستعارة. وقال الضحاك: كان ذلك الطعام الزماورد. وقال عكرمة: هو كل ما يجز بالسكين، لأنه يؤكل في الغالب على متكأ. وقال سعيد بن جبير: إنه كل طعام وشراب على عمومه، وبه قال الحسن. وأما (المتك) فقد قيل فيه أنه الأترج على ما تقدم بيانه. وقال السدي: بل هو المجلس، وكل شئ يجز بالسكين، يقال له متك.
(وآتت كل واحدة منهن سكينا) أي: وأعطت كل واحدة من تلك النسوة سكينا لتقطع به الفواكه والأترج، على ما هو العادة بين الناس (وقالت أخرج عليهن) أي:
وقالت امرأة الملك ليوسف عليه السلام، وكانت قد أجلسته غير مجلسهن، فأمرته بالخروج عليهن في هيأته إما للخدمة، وإما للسلام، أو ليرينه، ولم يكن يتهيأ له أن لا يخرج لأنه بمنزلة العبد لها، عن الزجاج. (فلما رأينه أكبرنه) أي: أعظمنه، وتحيرن في جماله إذ كان كالقمر ليلة البدر.
(وقطعن أيديهن) بتلك السكاكين على جهة الخطأ بدل قطع الفواكه، فما أحسسن إلا بالدم، ولم يجدن ألم القطع لإشغال قلوبهن بيوسف عليه السلام، عن