فحذفت الكلمة لدلالة المعنى عليها، ومثل ذلك في حذف هذا النحو منه قوله:
(فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف) أي: أمسكوهن قبله. وكذلك قوله:
(يتربصن بأنفسهن) أي يتربصن بعدهم. ويجوز أن يكون المعنى كأن لم يلبثوا قبله، فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه، ثم حذفت الهاء من الصفة كقولك الناس رجلان: رجل أهنتم، ورجل أكرمتم. ومثل هذا في حذف المضاف، وإقامة الصفة المضاف إليه مقامه، قوله: (ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا) وهو واقع بهم، التقدير: وجزاؤه واقع بهم، فحذف المضاف.
وان جعلته صفة للمصدر كان على هذا التقدير الذي وصفناه وبمثله. وان جعلته حالا من الضمير المنصوب، لم يحتج إلى حذف شئ من اللفظ، لأن الذكر من الحال قد عاد إلى ذي الحال. والمعنى نحشرهم مشابهة أحوالهم أحوال من لم يلبث إلا ساعة. وأما (يوم نحشرهم) فإنه يصلح أن يكون معمولا لأحد شيئين أحدهما: أن يكون معمول (يتعارفون) والآخر: أن يكون (يوم نحشرهم) لما دل عليه قوله (كأن لم يلبثوا) فإذا جعلته معمولا لقوله (يتعارفون) انتصب يوم على وجهين أحدهما: أن يكون ظرفا معناه يتعارفون في هذا اليوم والآخر: أن يكون على السعة على قوله: يا سارق الليلة أهل الدار. ومعنى (يتعارفون) يحتمل أمرين أحدهما: أن يكون المعنى مدة إماتتهم التي وقع حشرهم بعدها، وحذف المفعول للدلالة عليه، كما حذف في مواضع كثيرة، وعدي تفاعل كما يعدي في قوله تخاطأت النبل أحشاءه، أو يكون أعمل الفعل الذي دل عليه (يتعارفون) ألا ترى أنه قد دل على يستعملون ويتعرفون، وتعرفوا مدة اللبث هاهنا كما تعرفوها في قوله (قال قائل منهم كم لبثتم قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم) والآخر في التعارف ما جاء من قوله:
(وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين) فتعارفهم يكون على أحد هذين الوجهين.
فعلى هذا يكون قوله: (ويوم نحشرهم) معمول (يتعارفون). والآخر: أن يكون (يوم نحشرهم) معمول ما دل عليه قوله (كأن لم يلبثوا) ألا ترى أن المعنى تشابه أحوالهم أحوال من لم يلبث فيعمل في الظرف هذا المعنى، ولا يمتنع المعنى من أن يعمل في الظرف وإن تقدم الظرف عليه كقولهم: أكل يوم لك ثوب.
وإذا حملته على هذا لم يجز أن يكون صفة للمصدر، لأن الموصوف الذي هو