الصلاح والنجاة والخير، بدلالة ينصبها، وحجة يظهرها، فلا بد من أن يجيبوا بلا (قل) أنت لهم (الله) هو الذي (يهدي للحق) إلى طريق الرشاد. يقال: هديت إلى الحق، وهديت للحق، بمعنى واحد (أفمن يهدي إلى الحق) معناه: أفمن يهدي غيره إلى طريق التوحيد والرشد (أحق أن يتبع) أمره، ونهيه.
(أم من لا يهدي) أحدا (إلا أن يهدى) أو لا يهتدي هو إلا أن يهدى، والأصنام لا تهتدي، ولا تهدي أحدا، وإن هديت لأنها موات من حجارة ونحوها، ولكن الكلام نزل على أنها إن هديت اهتدت، لأنهم لما اتخذوها آلهة، عبر عنها كما يعبر عمن يعقل، ووصفت بصفة من يعقل، وإن لم يكن في الحقيقة كذلك، ألا ترى إلى قوله سبحانه: (ويعبدون من دون الله ما لا يملك لهم رزقا من السماوات والأرض شيئا ولا يستطيعون)، وقوله: (إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم) وإنما هن موات ألا ترى أنه قال: (فادعوهم فليستجيبوا لكم ألهم أرجل يمشون بها) الآية وكذلك قوله: (وإن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم) فأجرى عليه اللفظ كما يجري على من يعلم، وعلى هذا فقوله (إلا أن يهدى) إلا بمنزلة حتى، فكأنه قال أمن لا يهتدي حتى يهدى، أم من لا يعلم حتى يعلم، ومن لا يستدل على شئ حتى يدل عليه، وإن كان لو دل أو علم لم يستدل ولم يعلم، ولو هدى لم يهتد بين الله سبحانه بذلك جهلهم، وقلة تمييزهم في تسويتهم من لا يعلم، ولا يقدر بالله القادر والعالم.
وقال البلخي: لا يهدي، ولا يهتدي، بمعنى واحد. يقال: هديته فهدى أي: اهتدى. وقيل: إن المراد بذلك الملائكة والجن، لأنهم يهتدون إذا هدوا.
وقيل: المراد به الرؤسا والمضلون الذين يدعون إلى الكفر. وقيل: إن المعنى في قوله: (لا يهدي إلا أن يهدى)، لا يتحرك، إلا أن يحرك، ولا ينتقل إلا أن ينقل، كقول الشاعر: (حيث تهدي ساقه قدمه) (1) أي: يحمل. وقيل: معناه إلا أن يركب الله فيه آلة التمييز والهداية، ويرزقه فهما وعقلا، فإن هدي حينئذ اهتدى.
(فمالكم) قال الزجاج: هذا كلام تام، كأنه قال: أي شئ لكم في عبادة من لا يضر ولا ينفع (كيف تحكمون) هذا تعجيب من حالهم أي: كيف تقضون بأن