وقد قرر الامام الشوكاني في " نيل الأوطار " (2 / 222 - 224) ثم في " السيل الجرار " أن الأصل في جميع الأمور الواردة في حديث المسئ صلاته الوجوب، وقد نص الشوكاني نفسه في " النيل " أن هذه التكبيرات مما جاء فيه في بعض الروايات، ثم نسي ذلك في " السيل " فذكرها (1 / 227 - 228) في جملة السنن!
فسبحان ربي لا يضل ولا ينسى، وقد ذهب إلى الوجوب الإمام أحمد رحمه الله كما حكاه النووي في " المجموع " (3 / 397) عنه، واحتج له بالعموم السابق، وخفي عليه حديث المسئ، فإنه قال محتجا عليه لمذهبه: " ودليلنا على أحمد حديث المسئ صلاته، فإن النبي (ص) لم يأمره بتكبيرات الانتقال وأمره بتكبيرة الاحرام "!
فلم يتنبه لرواية أبي داود وغيره.
ومن (القراءة خلف الإمام) قوله: "... السكوت لا يلزم الامام... ".
قلت: هذا التعبير قد يوهم مشروعية شكوى الامام عقب الفاتحة بقدر ما يقرأها من وراءه، لأن عدم اللزوم لا يستلزم عدم المشروعية مطلقا كما لا يخفى، ودفعا لذلك الايهام أقول:
إن السكتة المذكورة بدعة في الدين إذ لم ترد مطلقا عن سيد المرسلين، إنما ورد عنه سكتتان إحداهما بعد تكبيرة الاحرام من أجل دعاء الاستفتاح، وقد مضى حديثها في الكتاب عن أبي هريرة. والسكتة الثانية رويت عن سمرة بن جندب واختلف الرواة في تعيينها فقال بعضهم: هي عقب الفاتحة. وقال الأكثرون: هي عقب الفراغ من القراءة كلها، وهو الصواب كما بينته في " التعليقات الجياد "، وغيره، وراجع " رسالة الصلاة " لابن القيم.