" لكن في " مسند البزار " بإسناد صحيح في هذا الحديث: فيضعون جنوبهم، فمنهم من ينام، ثم يقومون إلى الصلاة ".
قلت: وأخرجه أيضا أبو داود في " مسائل الإمام أحمد " (ص 318) بلفظ:
" كان أصحاب النبي (ص) يضعون جنوبهم فينامون، فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ ". وإسناده صحيح على شرط الشيخين.
فهذا اللفظ خلاف اللفظ الأول: " تخفق رؤوسهم "، فإن هذا إنما يكون وهم جلوس كما قال ابن المبارك، فإما أن يقال: إن الحديث مضطرب، فيسقط الاستدلال به، وإما أن يجمع بين اللفظين، فيقال: كان بعضهم ينام جالسا، وبعضهم مضطجعا، فمنهم من يتوضأ، ومنهم من لا يتوضأ، وهذا هو الأقرب، وحينئذ فالحديث دليل لمن قال: إن النوم لا ينقض الوضوء مطلقا، وقد صح ذلك عن أبي موسى الأشعري، وابن عمر، وابن المسيب، كما في " الفتح "، وهو باللفظ الآخر لا يمكن حمله على النوم ممكنا مقعدته من الأرض، وحينئذ فهو معارض لحديث صفوان بن عسال المذكور في الكتاب بلفظ: "... لكن من غائط وبول ونوم "، فإنه يدل على أن النوم ناقض مطلقا كالغائط والبول، ولا شك أنه أرجح من حديث أنس، لأنه مرفوع إلى النبي (ص)، وليس كذلك حديث أنس، إذ من الممكن أن يكون ذلك قبل إيجاب الوضوء من النوم.
فالحق أن النوم ناقض مطلقا، ولا دليل يصلح لتقييد حديث صفوان، بل يؤيده حديث علي مرفوعا: " وكاء السه العينان، فمن نام فليتوضأ "، وإسناده حسن كما قال المنذري والنووي وابن الصلاح، وقد بينته في " صحيح أبي داود " (رقم 198)، فقد أمر " صلى الله عليه وآله " كل نائم أن يتوضأ.
ولا يعكر على عمومه - كما ظن البعض - أن الحديث أشار إلى أن النوم ليس