نصب الراية - الزيلعي - ج ١ - الصفحة ٤٥٨
ما قدمت وما أخرت إلى آخره ولم يكن سماع الصحابة ذلك منه دليلا على الجهر وكان يسمعنا الآية أحيانا وأيضا فلو ساغ التمسك على الجهر بمجرد قوله:
فقرأ لساغ لمن لا يرى قراءتها بالكلية الاعتماد على ما أخرجه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نهض من الركعة الثانية استفتح القراءة بالحمد لله رب العالمين ولم يسكت قال الطحاوي في هذا الحديث دليل على أن بسم الله الرحمن الرحيم ليست من فاتحة الكتاب ولو كانت من فاتحة الكتاب لقرأها فقال في الثانية كما قرأ فاتحة الكتاب والذين استحبوا الجهر بها في الركعة الأولى لأنها عندهم من فاتحة الكتاب استحبوا ذلك أيضا في الثانية فلما انتفى بهذا ان يكون قرأها في الثانية انتفى ان يكون قرأها في الأولى وعارض هذا حديث نعيم المجمر بل هو أولى لاستقامة طريقه وفضل صحته على حديث نعيم فان قيل انما أراد أبو هريرة الاستفتاح بالسورة لا بالآية قلنا هذا فيه صرف اللفظ عن حقيقته وظاهره وذلك لا يسوغ الا لموجب وأيضا فلو أراد اسم السورة لقال بفاتحة الكتاب أو بسورة الحمد أو بأم القرآن هذا هو المعروف في تسميتها عندهم كما في البخاري عن أبي هريرة مرفوعا أم القرآن هي السبع المثاني وفي الصحيحين عن عبادة بن الصامت مرفوعا لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن وفي رواية بفاتحة الكتاب واما تسميتها بجملة الحمد لله رب العالمين فلا يعرف ذلك عندهم فدل على أنه أراد استفتاحه بهذا الآية دون البسملة وهذا الحديث إسناده أصرح دلالة من حديث نعيم والله أعلم.
الوجه الثالث: ان قوله: اني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم انما أراد به أصل الصلاة ومقاديرها وهيئتها وتشبيه الشئ بالشئ لا يقتضي ان يكون مثله من كل وجه بل يكفي في غالب الأفعال وذلك متحقق في التكبير وغيره دون البسملة فان التكبير وغيره من أفعال الصلاة ثابت صحيح عن أبي هريرة وكان مقصوده الرد
(٤٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 453 454 455 456 457 458 459 460 461 462 463 ... » »»
الفهرست