بريدة وأبو سفيان كما قدمناه وقوله وأبو نعامة وابن عبد الله بن مغفل لم يحتج بهما صاحبا الصحيح ليس هذا لازما في صحة الإسناد ولئن سلمنا فقد قلنا انه حسن والحسن يحتج به وهذا الحديث مما يدل على أن ترك الجهر عندهم كان ميراثا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم يتوارثه خلفهم عن سلفهم وهذا وحده كاف في المسألة لان الصلوات الجهرية دائمة صباحا ومساءا فلو كان عليه السلام يجهر بها دائما لما وقع فيه اختلاف ولا اشتباه ولكان معلوما بالاضطرار ولما قال: أنس لم يجهر بها عليه السلام ولا خلفاؤه الراشدون ولا قال: عبد الله بن مغفل ذلك أيضا وسماه حدثا ولما استمر عمل أهل المدينة في محراب النبي صلى الله عليه وسلم ومقامه على ترك الجهر يتوارثه آخرهم عن أولهم وذلك جار عندهم مجري الصاع والمد بل أبلغ من ذلك لاشتراك جميع المسلمين في الصلاة ولأن الصلاة تتكرر كل يوم وليلة وكم من انسان لا يحتاج إلى صاع ولا مد ومن يحتاجه يمكث مدة لا يحتاج إليه ولا يظن عاقل ان أكابر الصحابة والتابعين وأكثر أهل العلم كانوا يواظبون على خلاف ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.
حديث آخر أخرجه مسلم في صحيحه عن بدليل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله رب العالمين انتهى وهذا ظاهر في عدم الجهر بالبسملة وتأويله على إرادة اسم السورة يتوقف على أن السورة كانت تسمى عندهم بهذه الجملة فلا يعدل عن حقيقة اللفظ وظاهره إلى مجازه الا بدليل واعترض على هذا الحديث بأمرين أحدهما ان أبا الجوزاء لا يعرف له سماع من عائشة والثاني انه روى عن عائشة انه عليه السلام كان يجهر قلنا يكفينا انه حديث أودعه مسلم صحيحه وأبو الجوزاء اسمه أوس بن عبد الله الربعي ثقة كبير لا ينكر سماعه من عائشة وقد احتج به الجماعة وبديل بن ميسرة تابعي صغير مجمع على عدالته وثقته وقد حدث بهذا الحديث عنه الأئمة الكبار وتلقاه العلماء بالقبول ولم يتكلم فيه أحد منهم وما روى عن عائشة من الجهر فكذب بلا شك فيه الحكم بن عبد الله بن سعد وهو كذاب دجال لا