عن هذه الأحاديث جوابان أحدهما ان يحمل الامر فيها على الاستحباب لان الامر بالغسل ورد على سبب والسبب قد زال فيزول الحكم بزوال علته كما رواه البخاري ومسلم من حديث يحيى بن سعيد انه سأل عمرة عن الغسل يوم الجمعة فقالت قالت عائشة كان الناس مهنة أنفسهم وكانوا إذا راحوا إلى الجمعة راحوا في هيئتهم فقيل لهم لو اغتسلتم واخرج مسلم عن عروة عنهما قالت كان الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم ومن العوالي فيأتون في العباء ويصيبهم الغبار فيخرج منهم الريح فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم انسان منهم وهو عندي فقال عليه السلام لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا واخرج أبو داود عن عكرمة ان أناسا من أهل العراق جاءوا فقالوا يا بن عباس أترى الغسل يوم الجمعة واجبا قال لا ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل ومن لم يغتسل فليس عليه بواجب وسأخبركم كيف بدأ الغسل كان الناس مجهودين يلبسون الصوف ويعملون على ظهورهم وكان مسجدهم ضيقا مقارب السقف إنما هو عريش فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم حار وعرق الناس في ذلك الصوف حتى ثارت منهم رياح آذى بذلك بعضهم بعضا فلما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الريح قال أيها الناس إذا كان هذا اليوم فاغتسلوا وليمس أحدكم أفضل ما يجد من دهنه وطيبه قال بن عباس ثم جاء الله تعالى بالخير ولبسوا غير الصوف وكفوا العمل ووسع مسجدهم وذهب بعض الذي كان كان يؤذى بعضهم بعضا من العرق انتهى ويؤيد ذلك أن عمر رضي الله عنه لم ينكر على عثمان حين جاء إلى الجمعة من غير أن يغتسل فإنه قال ما زدت على أن توضأت فكان ذلك بمحضر من الصحابة وإنما أنكر عليه تأخره واما قوله غسل الجمعة واجب فقال الخطابي معناه قوي في الاستحباب كما تقول حقك على واجب قال ويدل عليه انه قرنه بما لا يجب اتفاقا كما رواه مسلم في حديث الخدري انه عليه السلام قال غسل الجمعة على كل محتلم والسواك وان يمس من الطيب ما يقدر عليه انتهى يحمل مؤخر ما رواه مالك يعني حديث من اتى الجمعة فليغتسل على الاستحباب وعلى النسخ انتهى ومما يدل على أن هذا الحديث ناسخ لأحاديث
(١٤٧)