أجمعين واحتج لهم محمد بن الحسن بحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدى له ضب فلم يأكله فقام عليهم سائل فأرادت عائشة رضي الله عنها أن تعطيه فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أتعطيه ما لا تأكلين قال محمد فقد دل ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كره لنفسه ولغيره أكل الضب كل قال فبذلك نأخذ قال الطحاوي ما في هذا دليل على الكراهة قد يجوز أن يكون كره لها أن تطعمه السائل لأنها إنما فعلت ذلك من أجل أنها عافته ولولا أنها عافته لما أطعمته إياه وكان ما تطعمه السائل فإنما هو لله تعالى فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يكون ما يتقرب به إلى الله عز وجل إلا من خير الطعام كما قد نهى أن يتصدق بالبسر الردئ والتمر الردئ قال فلهذا المعنى الذي كره رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله تعالى عنها الصدقة بالضب لا لأن أكله حرام انتهى واستدل لهم أيضا بحديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وددت أن عندي خبرة بيضاء من برة سمراء ملبقة بسمن ولبن فقام رجل من القوم فاتخذه فجاء به فقال في أي شئ كان هذا قال في عكة ضب قال ارفعه أخرجه أبو داود وابن ماجة وأجيب عنه بأن أبا داود قال بعد روايته هذا حديث منكر على أنه ليس في هذا الحديث دلالة على تحريم أكل الضب كل أو على كراهته قال الطيبي إنما أمر برفعه لتنفر طبعه عن الضب كل لأنه لم يكن بأرض قومه كما دل عليه حديث خالد لا لنجاسة جلده وإلا لأمره بطرحه ونهاه عن تناوله واستدل لهم أيضا بحديث عبد الرحمن بن حسنة نزلنا أرضا كثيرة الضباب الحديث وفيه أنهم طبخوا منها فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض فأخشى أن تكون هذه فأفئوها وبحديث عبد الرحمن بن شبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل لحم الضب كل أخرجه أبو داود وأجيب عن ذلك بأن علة الأمر بالإكفاء والنهي عن الأكل إنما هي خشيته صلى الله عليه وسلم أن تكون الضباب من الأمة الممسوخة وعدم علمه بأن الأمة الممسوخة لا يكون لها نسل ولا عقب فلما علم صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل لم يهلك قوما أو يمسخ قوما فيجعل لهم نسلا ولا عاقبة ارتفعت العلة ومن المعلوم أنه إذا ارتفعت العلة يرتفع المعلول على أن هذين الحديثين لا يقاومان الأحاديث الصحيحة المتقدمة التي تدل صراحة على إباحة أكل الضب كل وقال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذين الحديثين والأحاديث الماضية وإن دلت على الحل تصريحا وتلويحا نصا وتقريرا فالجمع بينها وبين
(٤٠٥)