أعلم (قوله باب قتل المشرك النائم) ذكر فيه قصة قتل أبي رافع اليهودي من حديث البراء بن عازب أورده من وجهين مطولا ومختصرا وسيأتي شرحها في كتاب المغازي إن شاء الله تعالى وهي ظاهرة فيما ترجم له لان الصحابي طلب قتل أبي رافع وهو نائم وانما ناداه ليتحقق انه هو لئلا يقتل غيره ممن لا غرض له إذ ذاك في قتله وبعد ان أجابه كان في حكم النائم لأنه حينئذ استمر على خيال نومه بدليل انه بعد ان ضربه لم يفر من مكانه ولا تحول من مضجعه حتى عاد إليه فقتله وفيه جواز التجسيس على المشركين وطلب غرتهم وجواز اغتيال ذوي الأذية البالغة منهم وكان أبو رافع يعادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويؤلب عليه الناس ويؤخذ منه جواز قتل المشرك بغير دعوة إن كان قد بلغته الدعوة قبل ذلك وأما قتله إذا كان نائما فمحله ان يعلم أنه مستمر على كفره وانه قد يئس من فلاحه وطريق العلم بذلك اما بالوحي واما بالقرائن الدالة على ذلك (قوله باب لا تمنوا لقاء العدو) ذكر فيه حديث عبد الله بن أبي أوفى في ذلك وقد تقدم مقطعا في أبواب منها الجنة تحت البارقة واقتصر على قوله واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف ومنها الصبر عند القتال واقتصر على قوله وإذا لقيتموهم فاصبروا ومنه الدعاء على المشركين بالهزيمة واقتصر على الفصل المتعلق بالحديث منه وقد تقدم الكلام فيه على شئ في اسناده في أول ترجمة وأورده بتمامه في القتال بعد الزوال وتقدم الكلام فيما يتعلق بذلك فيه (قوله لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا) قال ابن بطال حكمة النهي ان المرء لا يعلم ما يؤل إليه الامر وهو نظير سؤال الله العافية من الفتن وقد قال الصديق لان أعافى فاشكر أحب إلي من أن ابتلى فاصبر وقال غيره انما نهى عن تمنى لقاء العدو لما فيه من صورة الاعجاب والاتكال على النفوس والوثوق بالقوة وقلة الاهتمام بالعدو وكل ذلك يباين الاحتياط والاخذ بالحزم وقيل يحمل النهي على ما إذا وقع الشك في المصلحة أو حصول الضرر والا فالقتال فضيلة وطاعة ويؤيد الأول تعقيب النهي بقوله وسلوا الله العافية وأخرج سعيد بن منصور من طريق يحيى بن أبي كثير مرسلا لا تمنوا لقاء العدو فإنكم لا تدرون عسى ان تبتلوا بهم وقال ابن دقيق العيد لما كان لقاء الموت من أشق الأشياء على النفس وكانت الأمور الغائبة ليست كالأمور المحققة لم يؤمن أن يكون عند الوقوع كما ينبغي فيكره التمني لذلك ولما فيه لو وقع من احتمال ان يخالف الانسان ما وعد من نفسه ثم أمر بالصبر عند وقول الحقيقة انتهى واستدل بهذا الحديث على منع طلب المبارزة وهو رأي الحسن البصري وكان علي يقول لا تدع إلى المبارزة فإذا
(١٠٩)