لهما غلام أضر شئ وأقله منفعة قال ونعتهما فقال أما أبوه فطويل ضرب اللحم كأن أنفه منقار وأما أمه ففرضاخة أي بفاء مفتوحة وراء ساكنة وبمعجمتين والمعنى انها ضخمة طويلة اليدين قال فسمعنا بمولود بتلك الصفة فذهبت أنا والزبير بن العوام حتى دخلنا على أبويه يعني ابن صياد فإذا هما بتلك الصفة ولأحمد والبزار من حديث أبي ذر قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمه فقال سلها كم حملت به فقالت حملت به اثني عشر شهرا فلما وقع صاح صياح الصبي ابن شهر انتهى فكان ذلك هو الأصل في إرادة استكشاف أمره (قوله ماذا ترى قال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب) في حديث جابر عند الترمذي ونحوه لمسلم فقال أرى حقا وباطلا وأرى عرشا على الماء وفي حديث أبي سعيد عنده أرى صادقين وكاذبا ولأحمد أرى عرشا على البحر حوله الحيتان (قوله قال لبس) بضم اللام وتخفيف الموحدة المكسورة بعدها مهملة اي خلط وفي حديث أبي الطفيل عند احمد فقال تعوذوا بالله من شر هذا (قوله اني قد خبأت لك خبأ) بكسر المعجمة وبفتحها وسكون الموحدة بعدها همز وبفتح المعجمة وكسر الموحدة بعدها تحتانية ساكنة ثم همز أي أخفيت لك شيئا (قوله هو الدخ) بضم المهملة بعدها معجمة وحكى صاحب المحكم الفتح ووقع عند الحاكم الزخ بفتح الزاي بدل الدال وفسره بالجماع واتفق الأئمة على تغليطه في ذلك ويرده ما وقع في حديث أبي ذر المذكور فأراد ان يقال الدخان فلم يستطع فقال الدخ وللبزار والطبراني في الأوسط من حديث زيد بن حارثة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم خبأ له سورة الدخان وكأنه أطلق السورة وأراد بعضها فان عند أحمد عن عبد الرزاق في حديث الباب وخبأت له يوم تأتي السماء بدخان مبين وأما جواب ابن صياد بالدخ فقيل إنه اندهش فلم يقع من لفظ الدخان الا على بعضه وحكى الخطابي ان الآية حينئذ كانت مكتوبة في يد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يهتد ابن صياد منها الا لهذا القدر الناقص على طريقة الكهنة ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم لن تعدو قدرك أي قدر مثلك من الكهان الذين يحفظون من القاء شياطينهم ما يحفظونه مختلطا صدقه بكذبه وحكى أبو موسى المديني ان السر في امتحان النبي صلى الله عليه وسلم له بهذه الآية الإشارة إلى أن عيسى بن مريم يقتل الدجال بجبل الدخان فأراد التعريض لابن صياد بذلك واستبعد الخطابي ما تقدم وصوب أنه خبأ له الدخ وهو نبت يكون بين البساتين وسبب استبعاده له أن الدخان لا يخبا في اليد ولا الكم ثم قال الا ان يكون خبأ له اسم الدخان في ضميره وعلى هذا فيقال كيف اطلع ابن صياد أو شيطانه على ما في الضمير ويمكن ان يجاب باحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم تحدث مع نفسه أو أصحابه بذلك قبل أن يختبره فاسترق الشيطان ذلك أو بعضه (قوله اخسأ) سيأتي الكلام عليها في كتاب الأدب في باب مفرد (قوله فلن تعدو قدرك) أي لن تجاوز ما قدر الله فيك أو مقدار أمثالك من الكهان قال العلماء استكشف النبي صلى الله عليه وسلم أمره ليبين لأصحابه تمويهه لئلا يلتبس حاله على ضعيف لم يتمكن في الاسلام ومحصل ما أجاب به النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له على طريق الفرض والتنزل ان كنت صادقا في دعواك الرسالة ولم يختلط عليك الامر آمنت بك وان كنت كاذبا وخلط عليك الامر فلا وقد ظهر كذبك والتباس الامر عليك فلا تعدو قدرك (قوله إن يكن هو) كذا للأكثر وللكشميهني ان يكن على وصل الضمير واختار ابن مالك
(١٢٠)