أصاب زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ وهي في خدرها فأسقطت فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فقال إن وجدتموه فاجعلوه بين حزمتي حطب ثم أشعلوا فيه النار ثم قال إني لأستحي من الله لا ينبغي لاحد ان يعذب بعذاب الله الحديث فكان افراد هبار بالذكر لكونه كان الأصل في ذلك والآخر كان تبعا له وسمي ابن السكن في روايته من طريق ابن إسحاق الرجل الآخر نافع بن عبد قيس وبه جزم ابن هشام في زوائد السيرة عليه وحكى السهيلي عن مسند البزار انه خالد بن عبد قيس فلعله تصحف عليه وانما هو نافع كذلك هو في النسخ المعتمدة من مسند البزار وكذلك أورده ابن بشكوال من مسند البزار وأخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه من طريق ابن لهيعة كذلك (قلت) وقد أسلم هبار هذا ففي رواية ابن أبي نجيح المذكورة فلم تصبه السرية وأصابه الاسلام فهاجر فذكر قصة اسلامه وله حديث عند الطبراني وآخر عند ابن منده وذكر البخاري في تاريخه لسليمان بن يسار عنه رواية في قصة جرت له مع عمر في الحج وعاش هبار هذا إلى خلافة معاوية وهو بفتح الهاء وتشديد الموحدة ولم أقف لرفيقه على ذكر في الصحابة فلعله مات قبل أن يسلم (قوله ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج) في رواية ابن إسحاق حتى إذا كان من الغد وفي رواية عمرو بن الحارث فاتيناه نودعه حين أردنا الخروج وفي رواية ابن لهيعة فلما ودعنا وفي رواية حمزة الأسلمي فوليت فناداني فرجعت (قوله وان النار لا يعذب بها الا الله) هو خبر بمعنى النهي ووقع في رواية ابن لهيعة وانه لا ينبغي وفي رواية ابن إسحاق ثم رأيت أنه لا ينبغي أن يعذب بالنار الا الله وروى أبو داود من حديث ابن مسعود رفعه انه لا ينبغي أن يعذب بالنار الا رب النار وفي الحديث قصة واختلف السلف في التحريق فكره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلقا سواء كان ذلك بسبب كفر أو في حال مقاتلة أو كان قصاصا وأجازه علي وخالد بن الوليد وغيرهما وسيأتي ما يتعلق بالقصاص قريبا وقال المهلب ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة وقد سمل النبي صلى الله عليه وسلم أعين العرنيين بالحديد المحمى وقد حرق أبو بكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة وحرق خالد بن الوليد بالنار ناسا من أهل الردة وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها قاله الثوري والأوزاعي وقال ابن المنير وغيره لا حجة فيما ذكر للجواز لان قصة العرنيين كانت قصاصا أو منسوخة كما تقدم وتجويز الصحابي معارض بمنع صحابي آخر وقصة الحصون والمراكب مقيدة بالضرورة إلى ذلك إذا تعين طريقا للظفر بالعدو ومنهم من قيده بان لا يكون معهم نساء ولا صبيان كما تقدم وأما حديث الباب فظاهر النهي فيه التحريم وهو نسخ لامره المتقدم سواء كان بوحي إليه أو باجتهاد منه وهو محمول على من قصد إلى ذلك في شخص بعينه وقد اختلف في مذهب مالك في أصل المسئلة وفي التدخين وفي القصاص بالنار وفي الحديث جواز الحكم بالشئ اجتهادا ثم الرجوع عنه واستحباب ذكر الدليل عند الحكم لرفع الالباس والاستنابة في الحدود ونحوها وأن طول الزمان لا يرفع العقوبة عمن يستحقها وفيه كراهة قتل مثل البرغوث بالنار وفيه نسخ السنة بالسنة وهو اتفاق وفيه مشروعية توديع المسافر لأكابر أهل بلده وتوديع أصحابه له أيضا وفيه جواز نسخ الحكم قبل العمل به أو قبل التمكن من العمل به وهو اتفاق الا عن بعض المعتزلة فيما حكاه أبو بكر بن العربي وهذه المسئلة غير المسئلة المشهورة في الأصول في وجوب العمل بالناسخ قبل العلم به وقد تقدم شئ من ذلك في أوائل الصلاة في الكلام على حديث الاسراء
(١٠٥)