الحديث (قوله فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم اليهودي) أي عند سماعه قول اليهودي والذي اصطفى موسى على العالمين وانما صنع ذلك لما فهمه من عموم لفظ العالمين فدخل فيه محمد صلى الله عليه وسلم وقد تقرر عند المسلم أن محمدا أفضل وقد جاء ذلك مبينا في حديث أبي سعيد أن الضارب قال لليهودي حين قال ذلك أي خبيث على محمد فدل على أنه لطم اليهودي عقوبة له على كذبه عنده ووقع في رواية إبراهيم بن سعد فلطم وجه اليهودي ووقع عند أحمد من هذا الوجه فلطم على اليهودي وفي رواية عبد الله بن الفضل فسمعه رجل من الأنصار فلطم وجهه وقال أتقول هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وكذا وقع في حديث أبي سعيد ان الذي ضربه رجل من الأنصار وهذا يعكر على قول عمرو بن دينار انه أبو بكر الصديق الا إن كان المراد بالأنصار المعنى الأعم فان أبا بكر الصديق رضي الله عنه من أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعا بل هو رأس من نصره ومقدمهم وسابقهم (قوله فأخبره بالذي كان من أمر المسلم) زاد في رواية إبراهيم بن سعد فدعا النبي صلى الله عليه وسلم المسلم فسأله عن ذلك فأخبره وفي رواية ابن الفضل فقال أي اليهودي يا أبا القاسم ان لي ذمة وعهدا فما بال فلان لطم وجهي فقال لم لطمت وجهه فذكره فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى رؤى في وجهه وفي حديث أبي سعيد فقال ادعوه لي فجاء فقال أضربته قال سمعته بالسوق يحلف فذكر القصة (قوله لا تخيروني على موسى) في رواية ابن الفضل فقال لا تفضلوا بين أنبياء الله وفي حديث أبي سعيد لا تخيروا بين الأنبياء (قوله فان الناس يصعقوت فأكون أول من يفيق) في رواية إبراهيم بن سعد فان الناس يصعقون يوم القيامة فأصعق معهم فأكون أول من يفيق لم يبين في رواية الزهري من الطريقين محل الإفاقة من أي الصعقتين ووقع في رواية عبد الله بن الفضل فإنه ينفخ في الصور فيصعق من في السماوات ومن في الأرض الا من شاء الله ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من بعث وفي رواية الكشميهني أول من يبعث والمراد بالصعق غشي يلحق من سمع صوتا أو رأى شيئا يفزع منه وهذه الرواية ظاهرة في أن الإفاقة بعد النفخة الثانية وأصرح من ذلك رواية الشعبي عن أبي هريرة في تفسير الزمر بلفظ اني أول من يرفع رأسه بعد النفخة الأخيرة وأما ما وقع في حديث أبي سعيد فان الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشق عنه الأرض كذا وقع بهذا اللفظ في كتاب الاشخاص ووقع في غيرها فأكون أول من يفيق وقد استشكل وجزم المزي فيما نقله عنه ابن القيم في كتاب الروح ان هذا اللفظ وهم من راوية وأن الصواب ما وقع في رواية غيره فأكون أول من يفيق وان كونه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض صحيح لكنه في حديث آخر ليس فيه قصة موسى انتهى ويمكن الجمع بأن النفخة الأولى يعقبها الصعق من جميع الخلق أحيائهم وأمواتهم وهو الفزع كما وقع في سورة النمل ففزع من في السماوات ومن في الأرض ثم يعقب ذلك الفزع للموتى زيادة فيما هم فيه وللاحياء موتا ثم ينفخ الثانية للبعث فيفيقون أجمعين فمن كان مقبورا انشقت عنه الأرض فخرج من قبره ومن ليس بمقبور لا يحتاج إلى ذلك وقد ثبت ان موسى ممن قبر في الحياة الدنيا ففي صحيح مسلم عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مررت على موسى ليلة أسري بن عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلي في قبره أخرجه عقب حديث أبي هريرة وأبي سعيد المذكورين ولعله أشار بذلك إلى ما قررته وقد استشكل
(٣١٨)