له ملك المملكتين الواسعتين الروم والفرس فلقب ذا القرنين لذلك والحق ان الذي قص الله نباه في القرآن هو المتقدم والفرق بينهما من أوجه * أحدها ما ذكرته والذي يدل على تقدم ذي القرنين ما روى الفاكهي من طريق عبيد بن عمير أحد كبار التابعين ان ذا القرنين حج ماشيا فسمع به إبراهيم فتلقاه ومن طريق عطاء عن ابن عباس ان ذا القرنين دخل المسجد الحرام فسلم على إبراهيم وصافحه ويقال انه أول من صافح ومن طريق عثمان بن ساج أن ذا القرنين سأل إبراهيم أن يدعو له فقال وكيف وقد أفسدتم بئري فقال لم يكن ذلك عن أمري يعني ان بعض الجند فعل ذلك بغير علمه وذكر ابن هشام في التيجان ان إبراهيم تحاكم إلى ذي القرنين في شئ فحكم له وروى ابن أبي حاتم من طريق علي بن أحمد أن ذا القرنين قدم مكة فوجد إبراهيم وإسماعيل يبنيان الكعبة فاستفهمهما عن ذلك فقالا نحن عبدان مأموران فقال من يشهد لكما فقامت خمسة أكبش فشهدت فقال قد صدقتما قال وأظن الأكبش المذكورة حجارة ويحتمل أن تكون غنما فهذه الآثار يشد بعضها بعضا ويدل على قدم عهد ذي القرنين * ثاني الأوجه قال الفخر الرازي في تفسيره كان ذو القرنين نبيا وكان الإسكندر كافرا وكان معلمه أرسطا طاليس وكان يأتمر بأمره وهو من الكفار بلا شك وسأذكر ما جاء في أنه كان نبيا أم لا * ثالثها كان ذو القرنين من العرب كما سنذكر بعد وأما الإسكندر فهو من اليونان والعرب كلها من ولد سام بن نوح بالاتفاق وان وقع الاختلاف هل هم كلهم من بني إسماعيل أولا واليونان من ولد يافث بن نوح على الراجح فافترقا وشبهة من قال إن ذا القرنين هو الإسكندر وما أخرجه الطبري ومحمد بن ربيع الجيزي في كتاب الصحابة الذين نزلوا مصر باسناد فيه ابن لهيعة أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذي القرنين فقال كان من الروم فأعطى ملكا فصار إلى مصر وبنى الإسكندرية فلما فرغ أتاه ملك فعرج به فقال انظر ما تحتك قال أرى مدينة واحدة قال تلك الأرض كلها وانما أراد الله أن يريك وقد جعل لك في الأرض سلطانا فسر فيها وعلم الجاهل وثبت العالم وهذا لو صح لرفع النزاع ولكنه ضعيف والله أعلم وقد اختلف في ذي القرنين فقيل كان نبيا كما تقدم وهذا مروي أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعليه ظاهر القرآن وأخرج الحاكم من حديث أبي هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم لا أدري ذو القرنين كان نبيا أو لا وذكر وهب في المبتدا انه كان عبدا صالحا وان الله بعثه إلى أربعة أمم أمتين بينهما طول الأرض وأمتين بينهما عرض الأرض وهي ناسك ومنسك وتأويل وهاويل فذكر قصة طويلة حكاها الثعلبي في تفسيره وقال الزبير في أوائل كتاب النسب حدثنا إبراهيم بن المنذر عن عبد العزيز بن عمران عن هشام بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن القاسم بن أبي بزة عن أبي الطفيل سمعت ابن الكوى يقول لعلي بن أبي طالب أخبرني ما كان ذو القرنين قال كان رجلا أحب الله فأحبه بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه ضربة مات منها ثم بعثه الله إليهم فضربوه على قرنه ضربة مات منها ثم بعثه الله فسمى ذو القرنين وعبد العزيز ضعيف ولكن توبع على أبي الطفيل أخرجه سفيان بن عيينة في جامعه عن ابن أبي حسين عن أبي الطفيل نحوه وزاد وناصح الله فناصحه وفيه لم يكن نبيا ولا ملكا وسنده صحيح سمعناه في الأحاديث المختارة للحافظ الضياء وفيه اشكال لان قوله ولم يكن نبيا مغاير لقوله بعثه الله إلى قومه الا أن يحمل البعث على غير رسالة النبوة وقيل كان ملكا من الملائكة حكاه الثعلبي
(٢٧١)