بعض المتأخرين يحتمل ان يكون بعض الرواة يعني رواة الخمسة نسي الباقي (قلت) وهو احتمال بعيد لكن يقربه ما تقدم من الزيادة في حديث أبي هريرة عند مسلم وكذا وقع لأحمد من وجه آخر عنه والمجنوب شهيد يعني صاحب ذات الجنب والذي يظهر انه صلى الله عليه وسلم أعلم بالأقل ثم أعلم زيادة على ذلك فذكرها في وقت آخر ولم يقصد الحصر في شئ من ذلك وقد اجتمع لنا من الطرق الجيدة أكثر من عشرين خصلة فان مجموع ما قدمته مما اشتملت عليه الأحاديث التي ذكرتها أربع عشرة خصلة وتقدم في باب من ينكب في سبيل الله حديث أبي مالك الأشعري مرفوعا من وقصه فرسه أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه على أي حتف شاء الله تعالى فهو شهيد وصحح الدارقطني من حديث ابن عمر موت الغريب شهادة ولابن حبان من حديث أبي هريرة من مات مرابطا مات شهيدا الحديث وللطبراني من حديث ابن عباس مرفوعا المرء يموت على فراشه في سبيل الله شهيد وقال ذلك أيضا في المبطون واللديغ والغريق والشريق والذي يفترسه السبع والخار عن دابته وصاحب الهدم وذات الجنب ولأبي داود من حديث أم حرام المائد في البحر الذي يصيبه القئ له أجر شهيد وقد تقدمت أحاديث فيمن طلب الشهادة بنية صادقة انه يكتب شهيدا في باب تمني الشهادة ويأتي في كتاب الطب حديث فيمن صبر في الطاعون انه شهيد وتقدم حديث عقبة بن عامر فيمن صرعته دابته وانه عند الطبراني وعنده من حديث ابن مسعود باسناد صحيح ان من يتردى من رؤس الجبال وتأكله السباع ويغرق في البحار لشهيد عند الله ووردت أحاديث أخرى في أمور أخرى لم أعرج عليها لضعفها قال ابن التين هذه كلها ميتات فيها شدة تفضل الله على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بان جعلها تمحيصا لذنوبهم وزيادة في أجورهم يبلغهم بها مراتب الشهداء (قلت) والذي يظهر ان المذكورين ليسوا في المرتبة سواء ويدل عليه ما روى أحمد وابن حبان في صحيحه من حديث جابر والدارمي وأحمد والطحاوي من حديث عبد الله بن حبشي وابن ماجة من حديث عمرو بن عنبسة ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الجهاد أفضل قال من عقر جواده وأهريق دمه وروى الحسن بن علي الحلواني في كتاب المعرفة له باسناد حسن من حديث ابن أبي طالب قال كل موتة يموت بها المسلم فهو شهيد غير أن الشهادة تتفاضل وسيأتي شرح كثير من هذه الأمراض المذكورة في كتاب الطب وكذا الكلام على حديث أنس في الطاعون إن شاء الله تعالى ويتحصل مما ذكر في هذه الأحاديث ان الشهداء قسمان شهيد الدنيا وشهيد الآخرة وهو من يقتل في حرب الكفار مقبلا غير مدبر مخلصا وشهيد الآخرة وهو من ذكر بمعنى انهم يعطون من جنس اجر الشهداء ولا تجري عليهم أحكامهم في الدنيا وفي حديث العرباض بن سارية عند النسائي وأحمد ولأحمد من حديث عتبة بن عبد نحوه مرفوعا يختصم الشهداء والمتوفون على الفرش في الذين يتوفون من الطاعون فيقول انظروا إلى جراحهم فان أشبهت جراح المقتولين فإنهم معهم ومنهم فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم وإذا تقرر ذلك فيكون اطلاق الشهداء على غير المقتول في سبيل الله مجازا فيحتج به من يجيز استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه والمانع يجيب بأنه من عموم المجاز فقد يطلق الشهيد على من قتل في حرب الكفار لكن لا يكون له ذلك في حكم الآخرة لعارض يمنعه كالانهزام وفساد النية والله أعلم (قوله الشهداء خمسة ثم قال والشهيد في سبيل الله) قال الطيبي يلزم منه حمل الشئ على
(٣٣)