كان الله ولم يكن شئ غيره) في الرواية الآتية في التوحيد ولم يكن شئ قبله وفي رواية غير البخاري ولم يكن شئ معه والقصة متحدة فاقتضى ذلك أن الرواية وقعت بالمعنى ولعل راويها أخذها من قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه في صلاة الليل كما تقدم من حديث ابن عباس أنت الأول فليس قبلك شئ لكن رواية الباب أصرح في العدم وفيه دلالة على أنه لم يكن شئ غيره لا الماء ولا العرش ولا غيرهما لان كل ذلك غير الله تعالى ويكون قوله وكان عرشه على الماء معناه أنه خلق الماء سابقا ثم خلق العرش على الماء وقد وقع في قصة نافع بن زيد الحميري بلفظ كان عرشه على الماء ثم خلق القلم فقال اكتب ما هو كائن ثم خلق السماوات والأرض وما فيهن فصرح بترتيب المخلوقات بعد الماء والعرش (قوله وكان عرشه على الماء وكتب في الذكر كل شئ وخلق السماوات والأرض) هكذا جاءت هذه الأمور الثلاثة معطوفة بالواو و وقع في الرواية التي في التوحيد ثم خلق السماوات والأرض ولم يقع بلفظ ثم الا في ذكر خلق السماوات والأرض وقد روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعا ان الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة مكان عرشه على الماء وهذا الحديث يؤيد رواية من روى ثم خلق السماوات والأرض باللفظ الدال على الترتيب * (تنبيه) * وقع في بعض الكتب في هذا الحديث كان الله ولا شئ معه وهو الآن على ما عليه كان وهي زيادة ليست في شئ من كتب الحديث نبه على ذلك العلامة تقي الدين بن تيمية وهو مسلم في قوله وهو الآن إلى آخره وأما لفظ ولا شئ معه فرواية الباب بلفظ ولا شئ غيره بمعناها ووقع في ترجمة نافع بن زيد الحميري المذكور كان الله لا شئ غيره بغير واو (قوله وكان عرشه على الماء) قال الطيبي هو فصل مستقل لان القديم من لم يسبقه شئ ولم يعارضه في الأولية لكن أشار بقوله وكان عرشه على الماء إلى أن الماء والعرش كانا مبدأ هذا العالم لكونهما خلقا قبل خلق السماوات والأرض ولم يكن تحت العرش إذ ذاك الا الماء ومحصل الحديث أن مطلق قوله وكان عرشه على الماء مقيد بقوله ولم يكن شئ غيره والمراد بكان في الأول الأزلية وفي الثاني الحدوث بعد العدم وقد روى أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي رزين العقيلي مرفوعا ان الماء خلق قبل العرش وروى السدي في تفسيره بأسانيد متعددة ان الله لم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء وأما ما رواه أحمد والترمذي وصححه من حديث عبادة بن الصامت مرفوعا أول ما خلق الله القلم ثم قال اكتب فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة فيجمع بينه وبين ما قبله بان أولية القلم بالنسبة إلى ما عدا الماء والعرش أو بالنسبة إلى ما منه صدر من الكتابة أي أنه قيل له اكتب أول ما خلق وأما حديث أول ما خلق الله العقل فليس له طريق ثبت وعلى تقدير ثبوته فهذا التقدير الأخير هو تأويله والله أعلم وحكى أبو العلاء الهمداني ان للعلماء قولين في أيهما خلق أولا العرش أو القلم قال والأكثر على سبق خلق العرش واختار ابن جرير ومن تبعه الثاني وروى ابن أبي حازم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال خلق الله اللوح المحفوظ مسيرة خمسمائة عام فقال للقلم قبل أن يخلق الخلق وهو على العرش اكتب فقال وما أكتب قال علمي في خلقي إلى يوم القيامة ذكره في تفسير سورة سبحان وليس فيه سبق خلق القلم على العرش بل فيه سبق العرش وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فقال يا رب وما أكتب قال اكتب القدر فجرى
(٢٠٦)