الموعظة والاجتهاد في النصيحة والإحياء للسنة... فبادروا العلم من قبل تصويح نبته ومن قبل أن تشغلوا بأنفسكم عن مستنار العلم " (1) وقال (عليه السلام): " إن لي عليكم حقا ولكم علي حق، فأما حقكم علي فالنصيحة لكم، وتوفير فيئكم، وتعليمكم كي لا تجهلوا وتأديبكم كيما تعلموا " (2).
فجعل (عليه السلام) تعليم الناس الأمور الدينية من الواجبات والمحرمات والحقوق والحدود وسائر الأحكام في وظائف الخليفة كما أنه جعل من واجبه إحياء السنة وإماتة البدعة، وهؤلاء قريش (الخلفاء) يحتاجون في سيرتهم إلى طمس آثار النبوة ومحو السنة بإحراق الأحاديث والمنع عن كتابتها والمنع عن نشر الحديث كما سيأتي، وبعبارة أخرى يحتاجون في حكومتهم إلى ابتعاد الناس عن الكتاب والسنة المبينة له كي يكون الدين طوع أيديهم وأهوائهم، فيأولون الكتاب على آرائهم وميولهم فيكون ذلك وسيلة إلى نيل إلى أهوائهم الدنيوية في قالب ديني.
وعلى كل حال هنا منهجان وسيرتان: أحدهما ضبط آثار النبي (صلى الله عليه وآله) وسننه من أقواله وأفعاله وكتابتها والتقييد بالعمل بها (3) وثانيهما: المنع من كتابتها ونشرها وعدم التقييد بالعمل بها، واتباع المصالح التي يراها الحاكم من تنفيذ منافعه وتشييد قواعد حكومته ومن بنود هذا المنهج تجهيل الناس بالنسبة إلى الواقع حتى يستفيدوا من جهلهم ويستريحوا من الاعتراض والاختلاف.
وقد أشار علي (عليه السلام) إليهم بقوله: " لقد عملت الولاة قبلي بأمور عظيمة خالفوا فيها رسول الله (صلى الله عليه وآله) متعمدين لذلك ولو حملت الناس على تركها وحولتها إلى