قريشا لما تملكوا عرش الخلافة واتكئوا على أريكة الرئاسة عزموا على محق السنة ومحوها، ورأوا أن أحاديث الفضائل قد كتبها الصحابة الكرام وأثبتوها في صحائفهم، وهم يدارسونها ويقرأونها جمعوا الأحاديث وأحرقوها وكتبوا إلى الأمصار أن يحرق كل كتاب، ومنعوا كتابة سنن رسول الله (صلى الله عليه وآله) بل منعوا نقلها ونشرها.
ولم يمكنهم التصريح بالمنع عن أحاديث فضائل أهل البيت (عليهم السلام) وولايتهم، ولأجل ذلك منعوا كتابة جميع الأحاديث ونشرها، نعم نقل عن عمر: " اقلوا الرواية عن رسول الله إلا فيما يعمل به " (1).
وقال الدارمي في شرح منع عمر عن الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما نصه:
" معناه عندي الحديث عن أيام رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليس السنن والفرائض " (2).
وقال ابن عبد البر: " إن عمر نهى عن الحديث عما لا يفيد حكما ولا يكون سنة ".
وقال المعلمي - أحد كبار علماء أهل السنة المعاصرين تعليقا له على مرسل ابن أبي مليكة - المحتوي على منع أبي بكر للناس عن الحديث بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال: " إن كان لمرسل ابن أبي مليكة أصل فكونه عقب الوفاة النبوية يشعر بأنه يتعلق بأمر الخلافة، كان الناسع عقب البيعة بقوا يختلفون يقول: أحدهم أبو بكر أهلها لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال كيت وكيت فيقول آخر وفلان قد قال له النبي (صلى الله عليه وسلم) كيت وكيت، فأحب أبو بكر صرفهم عن الخوض في ذلك وتوجيههم إلى القرآن " (3).