اعتذار يقدمون رجلا ويؤخرون أخرى حرصا على ملكهم.
مثل لعقلك نداءه يوم نادى قريشا بقوله (صلى الله عليه وآله): " قولوا لا إله الا الله تفلحوا " فلبته القلوب الحية الخاضعة للحق، وقبله إنسان مكة، وآمنوا وأسلموا حتى رجع إليها أشراف قريش وعاتبوهم ولاموهم وقرعوهم بسياط العصبية، فأرجعوهم وراءهم القهقرى، قال المسور بن مخرمة الزهري: " لما أظهر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الإسلام، أسلم أهل مكة كلهم، وذلك قبل أن تفرض الصلاة، حتى إذا كان يقرأ السجدة ما يستطيع أن يسجد (1) حتى قدم رؤساء قريش: الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام وغيرهما - وكان بالطائف في أراضيهم - فقالوا: تدعون دين آبائكم؟!! فكفروا " (2). فترى نداءه نداء التوحيد يوقظ الشعور السليمة ويؤثر.
مثل لعقلك هذا النداء ونداءه بعد حقب من الدهر يدعو ملوك الدنيا إلى الله تعالى:
* (تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد الا الله.. ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون) * يدعو إلى التحرر من كل شئ دون الله تعالى، ويدعو إلى الخروج عن عبودية كل شئ إلى العبودية لله تعالى، تجد صدى ذاك في جبال مكة تقرع الآذان، وترى هذا يقرأ في قصور الملوك يهز كل سامع ويوقظ كل ضمير حي، وكلاهما نداء واحد يملآن القلوب رعبا وتحس الأفئدة منهما رأفة وحنانا، وتجدهما نداء والد شفيق يدعو ولده بعطف وحنان ونداء إلهيا توجل القلوب منه وتصدع، فنداؤه في مكة أوجد هيوجا وانقلابا روحيا يتصل بانقلاب ظاهري مادي وإيمان صلب يقاتل ويناضل، ونداؤه في السنة السابعة أيقظ الشعور الحية في العرب والعجم في قبائلهم وقصورهم ومجالسهم، فلم يتمالكوا أن خضعوا له ولبوه أو استسلموا متخذين جانب الصلح والاستسلام، لبوه بالكتب المملوءة بالإكرام والإعظام