وملكي الحبشة والقبط وإلى الحارث بن أبي شمر الغساني ملك تخوم الشام وإلى هوذة بن علي الحنفي ملك اليمامة (1).
هذه الكتب بأجمعها تتضمن معنى واحدا وتروم قصدا فاردا وإن كان اللفظ مختلفا، إذ كلها كتب لمرمى واحد، وهو الدعوة إلى التوحيد والإسلام، ومغزاه قوله تعالى: * (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) * (2).
ولا يوجد بين معنى هذه الكتب وبين ندائه (صلى الله عليه وآله) يوم صدع بالرسالة بنداء التوحيد وهو نداء الفطرة: " قولوا لا إله إلا الله تفلحوا " فرق أصلا، ولذلك لا ترى في أكثر هذه المكاتيب أثرا من الحرب أو الجزية، وكان مرماه الشريف إيقاظ شعور الأمم والملل وتوجيههم نحو الحق والحقيقة وإتمام الحجة، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولله الحجة البالغة.
وهذا كندائه يوم بعث بالرسالة نداء فيه السعادة والسيادة والمجد والعظمة، نداء يدعو الإنسانية إلى إله واحد، ويدعو إلى إلغاء الميزات الجاهلية التي يعتبرها الإنسان، نداء يتردد صداه في الآذان وحقيقته في فطرة الإنسان، فلذلك نرى القلوب السليمة، والمشاعر الحية له ملبين، والملوك له خاضعين، ألا ترى قيصر والنجاشي والمقوقس وغيرهم عدا قليل منهم أجابوه إلى الإسلام، أو بجواب