قلت: فإنه يرد عنكم الحديث في الشئ عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مما ليس في الكتاب وهو في السنة، ثم يرد خلافه، فقال: وكذلك قد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله، عن أشياء نهى حرام فوافق في ذلك نهيه نهى الله تعالى، وأمر بأشياء فصار ذلك الامر واجبا لازما كعدل فرايض الله تعالى، ووافق في ذلك أمره أمر الله تعالى.
فما جاء في النهى عن رسول الله صلى الله عليه وآله، نهى حرام، ثم جاء خلافه لم يسع استعمال ذلك، وكذلك فيما أمر به، لأنا لا نرخص فيما لم يرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وآله ولا نأمر بخلاف ما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، إلا لعلة خوف ضرورة فاما أن نستحل ما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله، أو نحرم ما استحل رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يكون ذلك أبدا، لأنا تابعون لرسول الله صلى الله عليه وآله، مسلمون له كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله تابعا لأمر ربه عز وجل مسلما له.
وقال عز وجل: " ما آتيكم الرسول فخذوه، وما نهيكم عنه فانتهوا " وأن رسول الله صلى الله عليه وآله، نهى عن أشياء ليس نهى حرام، بل إعافة وكراهة، وأمر بأشياء ليس أمر فرض ولا واجب بل أمر فضل ورجحان في الدين، ثم رخص في ذلك للمعلول وغير المعلول فما كان عن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى إعافة أو أمر فضل، فذلك الذي يسع استعمال الرخص فيه.
إذا ورد عليكم عنا فيه الخبر ان باتفاق من يرويه في النهى ولا ينكره وكان الخبران صحيحين معروفين باتفاق الناقلة فيهما، يجب الاخذ بأحدهما أو بهما جميعا أو بأيهما شئت وأحببت موسع ذلك لك من باب التسليم لرسول الله صلى الله عليه وآله والرد إليه وإلينا وكان تارك ذلك من باب العناد والانكار وترك التسليم لرسول الله صلى الله عليه وآله مشركا بالله العظيم.
فما ورد عليكم من خبرين مختلفين فاعرضوهما على كتاب الله فما كان في كتاب الله موجودا حلالا أو حراما فاتبعوا ما وافق الكتاب، ما لم يكن في الكتاب فاعرفوه على سنن النبي عليهما السلام، فما كان في السنة موجودا منهيا عنه نهى حرام أو مأمورا به عن رسول الله صلى الله عليه وآله، أمر إلزام فاتبعوا ما وافق نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وأمره.