وما أشبه ذلك، فجعل الله عز وجل دلائل ما أحل من الوحش والطير وما حرم كما قال أبي عليه السلام: كل ذي ناب من السباع وذي مخلب من الطير فحرام، وكل ما كانت له قانصة من الطير فحلال، وعلة أخرى يفرق بين ما أحل من الطير وما حرم قوله عليه السلام: كل ما دف، ولا تأكل ما صف.
وحرم الأرنب لأنها بمنزلة السنور ولها مخاليب كمخاليب السنور، وسباع الوحش فجرت مجريها، مع قذرها في نفسها ويكون منها من الدم كما يكون من النساء لأنها مسخ.
وحرم الخنزير لأنه مشوه، جعله الله عز وجل عظة للخلق، وعبرة وتخويفا ودليلا على ما مسخ على خلقته، ولان غذاءه أقذر الأقذار مع كثيرة، وكذلك حرم القرد، لأنه مسخ مثل الخنزير، وجعله عظة، وعبرة للخلق ودليلا على ما مسخ على خلقته وصورته وجعل فيه شبها من الانسان، ليدل على أنه من الخلق المغضوب عليهم.
وحرمت الميتة، لما فيها من فساد الأبدان والآفة، ولما أراد الله عز وجل أن يجعل تسميته سببا للتحليل وفرقا بين الحلال والحرام.
وحرم الله عز وجل الدم كتحريم الميتة لما فيه من فساد الأبدان، ولأنه يورث الماء الأصفر ويبخر الفم وينتن الريح، ويسئ الخلق، ويورث القسوة للقلب، وقلة الرأفة والرحمة حتى لا يؤمن أن يقتل والده وصاحبه.
وحرم الطحال، لما فيه من الدم، ولان علته وعلة الدم والميتة واحدة، لأنه يجري مجراها في الفساد.
وأحل الله تبارك وتعالى لحوم البقر والغنم، والإبل لكثرتها وإمكان وجودها، وتحليل بقر الوحش، وغيرها من أصناف ما يؤكل من الوحش المحللة، لان غذائها غير مكروه ولا محرم ولا هي مضرة بعضها ببعض، ولا مضرة بالإنس ولا في خلقتها تشويه.
وكره لحوم البغال، والحمير الأهلية لحاجة الناس إلى ظهورها واستعمالها