فأما قوله: (هذا لا يلزمني فقد تركت كلامك الأول وليس لك ذلك) ونحو ذلك من أراجيف المناظرين، فهو محض العناد والخروج عن نهج السداد.
وكثيرا ما ترى المناظرات في المحافل تنقضي بمحض المجادلات حتى يطلب المعترض الدليل عليه ويمنع المدعي ما هو عالم به، وينقضي المجلس على ذلك الإنكار والإصرار على العناد، وذلك عين الفساد، والخيانة للشرع المطهر، والدخول في ذم من كتم علمه.
3 - أن يقصد بها إصابة الحق وطلب ظهوره كيف اتفق لا ظهور صوابه وغزارة علمه، وصحة نظره، فإن ذلك مراء قد عرفت ما فيه من القبائح والنهي الأكيد.
ومن آيات هذا القصد أن لا يوقعها إلا مع رجاء التأثير، فأما إذا علم عدم قبول المناظر للحق وأنه لا يرجع عن رأيه وإن تبين له خطأه فمناظرته غير جائزة لترتب الآفات وعدم حصول الغاية المطلوبة منها.
4 - أن يناظر في واقعة مهمة، أو في مسألة قريبة من الوقوع، وأن يهتم بمثل ذلك، والمهم أن يبين الحق ولا يطول الكلام زيادة عما يحتاج إليه في تحقيق الحق.
ولا يغتر بأن المناظرة في تلك المسائل النادرة توجب رياضة الفكر وملكة الاستدلال والتحقيق، كما يتفق ذلك كثيرا لقاصدي حظ النفوس من إظهار المعرفة فيتناظرون في التعريفات وما تشتمل عليه من النقوض والتزييفات وفي المغالطات ونحوها، ولو اختبر حالهم حق الاختبار