خيار البائع فأما أن تصح الهبة ويسقط الخيار، أو يبقى فتكون الهبة غير صحيحة لامتناع نفوذها على وجهها مع بقاء الخيار، ولا نعني بغير الصحيحة إلا ذلك.
فإن قيل: فكيف صحت مع خيار الواهب.
قلنا: هذا الخيار معه آثار عقد الهبة ومقتضا له، ومع ذلك فليس منافيا لباقي آثار هذا العقد، فإن للمتهب معه أن يتلف العين، وأن يتصرف فيها بنقل وغيره وإن لم يكن بإذن الواهب. وحينئذ فتصير الهبة لازمة، فهذا خيار يتمكن المتهب من إسقاطه بنفسه استقلالا.
وليس خيار البائع بهذه الحالة فيمتنع ثبوته مع الحكم بصحة الهبة، ولما امتنع سقوطه بمجرد تصرف المشتري، لأن فيه خروجا عن الشرط في عقد البيع وجب القل بفساد الهبة.
وأما الوصية، فلأنها لو صحت لتسلط الموصى له على القبول بموت الموصي وصار مالكا بحكم الوصية مسلطا على جميع التصرفات، وذلك مناف لبقاء الخيار فامتنع الحكم بصحتها.
وأما رهن العين فإنه يثبت حقا لازما للمرتهن يقتضي تسلطه على بيعها وأخذ دينه من قيمتها وذلك ينافي بقاء خيار البائع، فوجب الحكم بعدم صحته.
وأما الإجارة، فلأنها تقتضي نقل المنفعة إلى المستأجر مدة معلومة، وذلك ينافي بقاء خيار البائع، لأن مقتضى بقائه أن يكون البائع في جميع زمان الخيار متمكنا من الفسخ، واسترداد العين من المنفعة كما جرى عليها عقد البيع.
فإن قيل: المنفعة في زمان الخيار، فله أن يتصرف فيها كيف شاء، فيستوفيها بنفسه وبغيره، وأن يسلط الغير عليها بعارية العين ونحوها، فلا مانع من نقلها إلى الغير بعقد الإجارة، لأنه إنما يتصرف في ما هو حق له.
قلنا: أما كون المنفعة في زمان الخيار ملكا للمشتري في الجملة فصحيح، بناء