مطلقا دار الحال بين أمرين: إما تنفيذه كذلك إن أمكن، لأن أثره الذي يراد من الوفاء به ترتبه عليه هو هذا، والحكم ببطلانه إن تعذر، إذ لا نعني بالباطل إلا ما يترتب أثره عليه. ولا نريد بالبطلان هنا إلا كونه كالفضولي، ولما امتنع الأول، لأن المبيع الذي هو متعلق العقد ومورده يمنع ورود هذا العقد عليه صحيحا لاستلزامه بطلان حق البائع من الخيار، تعين الثاني.
وأما الثانية، فلأن الوفاء بالعقد الأول - أعني المتضمن لاشتراط الخيار - لازم، لقوله تعالى: " أوفوا بالعقود "، وقد علم أن المراد بالوفاء به ترتيب مقتضاه بحسب حاله عليه. ولقوله عليه السلام: " المؤمنون عند شروطهم إلا من عصى الله " (1.
وهكذا القول في تصرف المالك للعين في كل موضع يتعلق بها حق الآخر، كما لو باع الراهن فإنا نحكم بكونه موقوفا على إجازة المرتهن، ولا نقول بمضي البيع ونحكم بصحته ثم يتسلط المرتهن على الفسخ ما دام حق الرهانة باقيا.
وكذا تصرف الوارث في التركة مع الدين قبل أدائه بدون رضى صاحبه.
وكذا القول في المفلس لو استقل بمبيع مال نفسه قبل القسمة وإن كان بثمن المثل، وأمثالهم وأمثال البيع في الحكم الذي ذكرناه الصلح على المبيع، وجعله صداقا في النكاح، وعوضا في الخلع، ووقفه وهبته، سواء كانت الهبة لازمة أم لا وكذا الوصية.
وبالجملة كل تصرف يقتضي على تقدير صحته نقل العين إلى غير المشتري، أو المنفعة كالإجارة، وما في معناها من الصلح عليها، جرى هذا المجرى كجعلها عوضا في شئ من العقود الناقلة.