فلما دخلنا على سيدنا أبى محمد الحسن - عليه السلام - بدانا بالتهنئة قبل أن نبدأه بالسلام، فجهرنا بالبكاء بين يديه ونحن نيف وسبعون رجلا من أهل السواد، فقال: (إن البكاء من السرور من نعم الله مثل الشكر لها، فطيبوا نفسا وقرو عينا (1)، فوالله إنكم لعلى دين الله الذي جاءت به الملائكة والكتب، وإنكم كما قال جدي رسول الله - صلى الله عليه وآله -: إياكم أن تزهدوا في فقراء الشيعة، فان لفقيرهم المحسن المتقى عند الله يوم القيامة شفاعة يدخل فيها مثل ربيعة ومضر، فإذا كان هذا من فضل الله عليكم وعلينا فيكم فأي شئ بقي لم؟) فقلنا بأجمعنا:
الحمد لله والشكر لكم يا ساداتنا، فبكم بلغنا هذه المنزلة فقال:
(بلغتموها بالله وبطاعتكم [له] (2) واجتهادكم في عبادته وموالاتكم أوليائه ومعاداتكم أعدائه.
فقال عيسى بن مهدي الجوهري: فاردنا الكلام والمسألة، فقال لنا قبل السؤال: (فيكم من أضمر مسألتي عن ولدى المهدى - عليه السلام - وأين هو وقد استودعته لله كما استودعت أم موسى - عليه السلام - ابنها، حيث قذفته في التابوت [فالقته] (3) في اليم إلى أن رده الله إليها)، فقالت طائفة منا: أي والله يا سيدنا لقد كانت هذه المسالة في أنفسنا، قال - عليه السلام -: (وفيكم من أضمر [مسألتي] (4) عن الاختلاف بينكم وبين أعداء الله وأعدائنا من أهل القبلة والاسلام، فانى منبئكم بذلك فافهموه، فقالت طائفة أخرى: والله يا سيدنا لقد أضمرنا ذلك.