تلقانا رجل راكب على جمل ونحن في قافلة عظيمة، فقصدنا ونحن سائرون في جملة الناس وهو يعارضنا بجمله، حتى وصل إلينا وقال:
يا أحمد بن داود ومحمد بن عبد الله الطلحي معي رسالة إليكما، فقلنا له: ممن يرحمك الله؟ قال: من سيدكما أبى الحسن علي بن محمد - عليهما السلام - يقول لكما:
(أنا راحل إلى الله في هذه الليلة، فأقيما مكانكما حتى يأتيكما أمر ابني أبى محمد الحسن - عليه السلام -)، فخشعت قلوبنا وبكت عيوننا وأخفينا ذلك ولم نظهره، ونزلنا بدسكرة الملك واستأجرنا منزلا وأحرزنا ما حملناه فيه، وأصبحنا والخبر شائع في الدسكرة بوفاة مولانا أبى الحسن - عليه السلام -، فقلنا: لا إله إلا الله أترى (الرسول) (1) الذي جاء برسالته أشاع الخبر في الناس، فلما أن تعالى النهار رأينا قوما من الشيعة على أشد قلق مما نحن فيه، فأخفينا أثر الرسالة ولم نظهره.
فلما جن علينا الليل جلسنا بلا ضوء حزنا على سيدنا أبى الحسن - عليه السلام - نبكي ونشتكي إلى الله فقده، فإذا نحن بيد قد دخلت علينا من الباب، فأضائت كما يضئ المصباح، وقائل يقول: يا أحمد يا محمد [خذا] (2) هذا التوقيع فاعملا بما فيه، فقمنا على أقدامنا وأخذنا التوقيع فإذا فيه:
(بسم الله الرحمن الرحيم من الحسن المستكين لله رب العالمين إلى شيعته المساكين: أما بعد فالحمد لله على ما نزل بنا منه ونشكر