أجرى إلا على الله، فدفعوا (1) مودة من أوجب الله عز وجل مودته من أهل بيت رسول الله، وهم لا يشكون في فضلهم ومكانهم من رسول الله (صلع)، وأسقطوا فريضة فرضها الله جل ذكره، وحكم آية أوجب حكمها في كتابه عداوة وبغضة لأوليائه، وجهلا بكتاب الله جل ذكره، وقوله عز وجل: (2) قل ما سألتكم من أجر فهو لكم، لا يخلو أن يكون نزل قبل قوله: (3) قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى. أو بعده، فإن كان نزل قبله فلا يكون ناسخا له، وإن نزل بعده فهو يؤكده ويشدده ويثبته (4)، لان قوله: (5) قل ما سألتكم من أجر فهو لكم، ليس في ظاهره ما يوجب سقوط الاجر، ولكنه أخبرهم أن ذلك الاجر لهم يؤجرون عليه ويثابون فيه بمودتهم أهل بيته إذا فعلوا ذلك، لا أن ذلك الاجر لرسول الله (صلع) وهذا أبين من أن يغبى إلا على جاهل، ولا يدفعه إلا معاند، فالآيتان ثابتتان ليس منهما ناسخة ولا منسوخة بحمد الله، بل كل آية منهما تشد الأخرى وتؤكدها.
وقالت فرقة ثالثة: معنى قوله: (6) قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى، إنها نزلت في كل العرب، وذلك بغضا لآل رسول الله (صلع)، أي تودونني بقرابتي، قالوا: لان لرسول الله (صلع) في كل بيت من بيوتات العرب قرابة، فهذا لما بالغوا في التحفظ في دفعهم فضل أهل بيت رسول الله (صلع) بأن جعلوا قرابة النبي (صلع) في العرب كلها، وأنه سألهم أن يودوه هو لقرابته منهم، فإن كان الذين سألهم ذلك مؤمنين فهم يودونه لايمانهم به وتصديقهم إياه، ولما من الله عز وجل عليهم فيه، وإن كان المخاطبون على قولهم بذلك الكفار فكيف يسأل منهم أجرا على أمر لم يصدقوه فيه، وفى اقتصارهم على العرب خاصة جهل منهم ومكابرة للعيان، وتحريف لكتاب الله عز وجل وتبديل لكلامه، وإنما قال الله