كله، قال فقوله: (1) ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير، قال: إيانا عنى بهذا، والسابق منا الامام، والمقتصد العارف بحق الامام، والظالم لنفسه الشاك الواقف منا. والعامة تزعم أنها هي التي عنى الله عز وجل (2) بقوله: ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا، ولو كان كما زعموا لكانوا كلهم مصطفين (3)، ولكانوا كلهم في الجنة، كما قال الله عز وجل: (4) جنات عدن يدخلونها، وكذلك قالوا في تأويل الآية التي بدأنا (5) بذكرها في أول الباب قولين، قال بعضهم: أولو الامر الذين أمر الله عز وجل بطاعتهم هم أمراء السرايا (6)، وقال آخرون: هم أهل العلم، يعنون أصحاب الفتيا منهم. وكلا هذين القولين يفسد على التحصيل، أما قول من زعم أنهم أمراء السرايا فقد جعل لهم بذلك الفضل على أئمتهم الذين أخرجوهم في تلك السرايا وأوجب طاعتهم لهم وأوجب لهم طاعة جميع المؤمنين لان قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا، يدخل فيه كل مؤمن (7) ولا يجب أن يستثنى من ذلك مؤمن دون مؤمن إلا بحجة من الكتاب أو بيان من الرسول الذي أمر بالبيان ولن يجدوا ذلك وهم لا يوجبون طاعة صاحب السرية على غير من كان معه، فبطل ما ادعوه لهم على ألسنتهم، أما قول من قال إنهم العلماء، وعنى علماء العامة، وهم مختلفون، وفى طاعة بعضهم عصيان بعض إذا أطاع المؤمن أحدهم عصى الآخر، والله عز وجل لا (8) يأمر بطاعة قوم مختلفين، لا يعلم المأمور بطاعتهم من يطيعه منهم، وهذا قول بين الفساد، يغنى ظاهر فساده عن الاحتجاج على قائله. وأحق بهذا الاسم ومن قيل لهم أولو الامر،
(٢٣)