الاسلام ولا يشركه الاسلام، يكون الرجل مسلما غير مؤمن ولا يكون مؤمنا إلا وهو مسلم، وهذا يؤيد ما قدمناه (1) في الباب الذي قبل هذا الباب أن الايمان لا يكمل إلا بعقد النية، وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، صلوات الله عليه، أنه سئل ما الايمان وما الاسلام؟ فقال الاسلام الاقرار، والايمان الاقرار والمعرفة، فمن عرفه الله نفسه ونبيه وإمامه، ثم أقر بذلك فهو مؤمن، قيل له: فالمعرفة من الله والاقرار من العبد؟ قال: المعرفة من الله حجة ومنة ونعمة والاقرار من يمن الله به على من يشاء، والمعرفة صنع الله في القلب والاقرار فعل القلب بمن من الله وعصمة ورحمة، فمن لم يجعله الله عارفا فلا حجة عليه، وعليه أن يقف ويكف عما لا يعلم ولا يعذبه الله على جهله ويثبه على عمله بالطاعة ويعذبه على عمله بالمعصية، ولا يكون شئ من ذلك إلا بقضاء الله وقدره وبعلمه وبكتابه بغير جبر لأنهم لو كانوا مجبورين لكانوا معذورين وغير محمودين، ومن جهل فعليه أن يرد إلينا ما أشكل عليه، قال الله عز وجل: (2) فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون، وعنه صلوات الله عليه أنه قيل له: يا أمير المؤمنين، ما أدنى ما يكون به العبد مؤمنا وما أدنى ما يكون به كافرا وما أدنى ما يكون به ضالا، قال: أدنى ما يكون به مؤمنا أن يعرفه الله (3) نفسه فيقر له بالطاعة وأن يعرفه الله نبيه (صلع) فيقر له بالطاعة، وأن يعرفه الله حجته في أرضه وشاهده على خلقه فيعتقد إمامته فيقر له بالطاعة، قيل: وإن جهل غير ذلك؟ قال: نعم ولكن إذا أمر أطاع، وإذا نهى انتهى، وأدنى ما يصير به مشركا أو يتدين بشئ مما نهى الله عنه، فيزعم أن الله أمر به ثم ينصبه (4) دينا ويزعم أنه يعبد الذي أمر به وهو غير الله عز وجل، وأدنى ما يكون به ضالا أن لا يعرف حجة الله في أرضه وشاهده على خلقه فيأتم به
(١٣)