يكن صائما، ولو قام وركع وسجد وهو لا ينوى الصلاة لم يكن مصليا، ولو وقف بعرفة وهو لا ينوى الحج لم يكن حاجا، ولو تصدق بماله كله وهو لا ينوى به الزكاة لم يجزه من الزكاة، وكذلك قالوا في عامة الفرائض، فثبت أن ما قال الإمام عليه السلام من أن الايمان قول وعمل ونية وهو الثابت (1) الذي لا يجزى غيره.
وقد روينا عن رسول الله (صلع) أنه قال: إنما الأعمال بالنيات، وإنما (2) لامرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لامرأة يتزوجها أو لدنيا يصيبها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
والايمان شهادة أن الا إله إلا الله، وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق والنار حق والبعث حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها (3)، والتصديق بأنبياء الله ورسله والأئمة ومعرفة إمام الزمان والتصديق به والتسليم لامره والعمل بما افترض الله تعالى على عباده العمل به، والانتهاء عما نهى عنه، وطاعة الامام والقبول منه.
وقد روينا عن أبي عبد الله جعفر بن محمد صلى الله عليه وآله أن سائلا سأله عن أي الأعمال أفضل عند الله عز وجل، فقال: ما لا يقبل الله عز وجل عملا إلا به، قال (4) وما هو؟ قال: الايمان بالله أعلى الأعمال درجة وأشرفها منزلة وأسناها حظا، قال السائل: قلت له: أخبرني عن الايمان، أقول وعمل، أم قول بلا عمل، قال: الايمان عمل كله والقول بعض ذلك العمل بفرض من الله بين في كتابه، واضح نوره، ثابتة حجته (5) يشهد له الكتاب ويدعو إليه. قال: قلت:
بين لي ذلك، جعلت فداك، حتى أفهمه، قال: إن الايمان حالات ودرجات وطبقات ومنازل، فمنه التام المنتهى تمامه، ومنه الناقص البين نقصانه، ومنه الراجح (6) رجحانه، قال: قلت: وإن الايمان ليتم وينقص ويزيد.
قال: نعم. قلت: وكيف ذلك، قال: (7) لان الله تبارك وتعالى فرض الايمان على جوارح ابن آدم وقسمه عليها وفرقه فيها، فليس من جوارحه جارحة إلا وقد