والمفروض فيما نحن فيه ان ما تبانيا عليه لم يقع في حيز الانشاء، بل لا يكون إلا أمرا قلبيا لا اثر له.
وأما دعوى انصراف العقد اللفظي أو انصراف لفظ الثمن أو المثمن المذكورين فيه إلى ذلك المقيد - بواسطة التباني فتقع تلك الخصوصية التي يدعى ان العقد صارت مقيدة بها تحت الانشاء اللفظي - فمما لا وجه له أصلا، لان التقييد المعنوي من دون دليل عليه لا يوجب انصراف المطلق إلى ذلك الفرد الخاص المقيد بذلك القيد المعنوي.
وأما سبق ذكر التباني بالمقاولة قبل العقد لا اثر له في ظهور ألفاظ العقد أو مجموع جملته، ولذلك ذهب المشهور إلى عدم لزوم الوفاء بشروط التباني أي: ما تواطيا عليه قبل العقد، بل عن صاحب الرياض (قده) نقل الاجماع على عدم لزوم الوفاء بها، وحكاه أيضا عن بعض الأجلة.
وأما ما أورده شيخنا الأستاذ (قده) على هذا الوجه، بأن القول بالانصراف إلى عقد خاص أي: المقيد يوجب بطلان العقد عند تخلفه أو تعذره، مع أن بنائهم في باب تخلف الشروط أو تعذرها انهما يوجبان الخيار لا البطلان. ففيه ان الانصراف بواسطة التباني قبل العقد ليس أمره أعظم من التصريح في اللفظ، حتى فيما إذا كان تبانيهما على وجود وصف في أحد العوضين أو في كليهما، مثلا تبانيهما على كون الجارية المبيعة طباخة، أو العبد المبيع كاتبا - على فرض انه كان كالتصريح بذلك في مقام الانشاء - لا يوجب تخلفه أو تعذره بطلان العقد، بل بنائهم على أن تخلف الوصف أو تعذره لا يوجب إلا الخيار.
والسر في ذلك أن هناك التزامان: أحدهما: هوا الالتزام بنفس المبادلة بين العوضين. والثاني: هو التزامه بأن يكون أحد العوضين أو كلاهما كذا وكذا، والالتزام الثاني مربوط بالالتزام الأول، فلو لم يعمل بالالتزام الثاني يكون ذلك موجبا للخيار، لان الالتزام الأول كان مشروطا بالالتزام الثاني، فلا يجب الوفاء به إلا في ظرف