واما ما حكي عن بعض من اتيان هذا البحث في مسألة وطئ الحائض من أنه لو وطئ الحائض وكفر ثم وطئ ثانيا بعد أن كفر عن الوطئ الأول يأتي هذا البحث بمعنى انه بناء على تداخل الأسباب لا تجب الكفارة للوطئ الثاني وبناء على عدم التداخل تجب كفارة أخرى للوطئ الثاني.
فلا يبعد أن يكون مراد القائل هو ان سبب الكفارة في وطي الحائض هو صرف الوجود من طبيعة الوطئ في حال الحيض ولا شك في أن صرف الوجود من تلك الطبيعة يتحقق بأول وجود منها ولا يصدق بعد الوجود الأول على الوجود الثاني لان معنى صرف الوجود لطبيعة هو وجودها المطلق عاريا عن كل قيد وهو الذي ربما يعبر عنه بعادم العدم وهو نقيض العدم المطلق اي العدم غير المقيد بقيد ولا شك في أن العدم المطلق اي العدم المحمولي لشئ ليس قابلا للتعدد فنقيضه اي الوجود المطلق اي صرف الوجود ليس قابلا للتعدد وإلا يلزم ارتفاع النقيضين.
فإذا كان الامر كذلك فبالوطئ الأول يتحقق صرف وجود طبيعة الوطئ والمفروض انه موضوع وجوب الكفارة وسائر افراد هذه الطبيعة لا توجب الكفارة فلو كفر بعد الوطئ الأول لا يجب عليه الكفارة ولو صدر منه الوطئ الف مرة وبناء على ما ذكرنا لو وطئ في حال الحيض ولم يكفر ثم وطئ ثانيا وثالثا وهكذا لا يجب عليه إلا كفارة واحدة للوطئ الأول الذي هو مصداق صرف الوجود دون سائر الافراد.
فهذه المسألة أجنبية عن مسألة أصالة عدم تداخل الأسباب وعلى هذا الأساس قلنا لو نذر شخص ان لا يشرب الشاي ويكون متعلق نذره هو ترك صرف الوجود من طبيعة شرب الشاي لا ترك جميع وجودات هذه الطبيعة فلو شرب مرارا يحصل الحنث بأول وجود من هذه الطبيعة وتجب عليه كفارة حنث النذر ولا تجب كفارات اخر بايجاد سائر افراد تلك الطبيعة إذ لا يحصل بتلك