الواجب عليه، أو مخالفتهما في سفر يشق عليهما، وليس بفرض على الولد أو في غيبة طويلة فيما ليس لطلب علم نافع أو كسب، أو ترك تعظيم الوالدين فإنه لو قدم عليه أحدهما ولم يقم إليه أو قطب في وجهه فإن هذا وإن لم يكن في حق الغير معصية فهو عقوق في حق الأبوين. قوله ووأد البنات بسكون الهمزة وهو دفن البنات حية وهو محرم، وخص البنات لأنه الواقع من العرب فإنهم كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية كراهة لهن. يقال: أول من فعله قيس بن عاصم التيمي، وكان من العرب من يقتل أولاده مطلقا خشية الفاقة والنفقة. وقوله منعا وهات المنع مصدر من منع يمنع والمراد منع ما أمر الله أن لا يمنع، وهات فعل أمر مجزوم والمراد النهي عن طلب ما لا يستحق طلبه. وقوله: وكره لكم قيل وقال يروى بغير تنوين حكاية للفظ الفعل. وروي منونا وهي رواية في البخاري قيلا وقالا، على النقل من الفعلية إلى الاسمية، والأول أكثر، والمراد به نقل الكلام الذي يسمعه إلى غيره فيقول: قيل كذا وكذا بغير تعيين القائل، وقال فلان كذا وكذا. وإنما نهي عنه لأنه من الاشتغال بما لا يعني المتكلم لكونه قد يتضمن الغيبة والنميمة والكذب ولا سيما مع الاكثار من ذلك قلما يخلو عنه. وقال المحب الطبري: فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنهما مصدران للقول تقول: قلت قولا وقيلا. وفي الحديث الإشارة إلى كراهة كثرة الكلام، ثانيها: إرادة حكاية أقاويل الناس والبحث عنها لتخبر عنها، فتقول: قال فلان كذا وقيل له كذا. والنهي عنه إما للزجر عن الاستكثار منه وإما لما يكرهه المحكي عنه. ثالثها: أن ذلك في حكاية الاختلاف في أمور الدين كقوله: قال فلان كذا وقال فلان كذا ومحل كراهة ذلك في أن يكثر منه بحيث لا يأمن من الزلل، وهو في حق من ينقل بغير تثبت في نقله لما يسمعه ولا يحتاط له، ويؤيد هذا الحديث الصحيح كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع أخرجه مسلم. قلت:
ويحتمل إرادة كل من الثلاثة. وقوله وكثرة السؤال هو السؤال للمال، أو عن المشكلات من المسائل، أو مجموع الامرين وهو أولى، وتقدم في الزكاة تحريم مسألة المال وقد نهى عن الأغلوطات. أخرجه أبو داود وهي: المسائل التي يغلط بها العلماء ليزلوا فينتج بذلك شر وفتنة. وإنما نهي عنها لكونها غير نافعة في الدين ولا يكاد أن يكون إلا فيما لا ينفع. وقد ثبت عن جمع من السلف كراهة تكلف المسائل التي يستحيل وقوعها عادة أو يندر وقوعها جدا، لما في ذلك من التنطع والقول بالظن الذي لا يخلو صاحبه عن الخطأ. وقيل: كثرة السؤال عن أخبار الناس وأحداث الزمان وكثرة سؤال انسان معين عن تفاصيل حاله وكان مما يكرهه المسؤول. وقوله: وإضاعة المال المتبادر من الإضاعة: ما لم يكن لغرض ديني ولا دنيوي. وقيل: هو الاسراف في الانفاق. وقيده بعضهم بالانفاق في الحرام، ورجح المصنف أنه ما أنفق في غير وجوهه المأذون فيها شرعا سواء كانت دينية أو دنيوية لان الله تعالى جعل المال قياما لمصالح العباد وفي التبذير تفويت تلك المصالح إما في حق صاحب المال أو في حق غيره. قال: والحاصل أن في كثرة الانفاق ثلاثة وجوه، الأول: الانفاق في الوجوه المذمومة شرعا ولا شك في تحريمه. الثاني: الانفاق في الوجوه المحمودة شرعا ولا شك في كونه