وهذا ما يدفعنا إلى القول - ونحن نختم حديثنا عن فقيهنا الكبير بأننا نواجه فقهيا عملاقا قد انفرد بين السابقين عليه بكونه قد " طور " الممارسة الفقهية، و " جددها " على المستويات جميعا، سواء أكان ذلك في صعيد الأداة الأصولية التي طرح مفرداتها الضخمة في كتابه المخطوط: " نهاية الوصول إلى علم الأصول " حيث سلك فيه نفس المنهج الفقهي المقارن من حيث تتبعه المدهش لآراء الأصوليين ومناقشتها والرد عليها وإبداء وجهة نظر جديد حيالها، أو كان ذلك في صعيد " الأداة الرجالية والحديثية " حيث اختط حيالها منحى فيه " الجدة " دون أدنى شك، أو كان ذلك في صعيد الممارسة الفقهية بعامة: منهجا واستدلالا، حيث نلاحظ " الجدة أو التطوير " فيها يتجاوز طرح " المبادئ إلى طرح " المنج " أيضا، وهو ما لحظناه خلال هذه السطور التي كتبناها عن فقيهنا الفذ، حيث كانت " السعة " و " التنوع " و " العمق " و " الجدة " طوابع علمية لهذا الفقهية لم يكد لسواه أن يتوفر عليها بنفس الحجم الذي لحظناه عند " العلامة "، فهو كما سبقت الإشارة يرصد آلاف الآراء لمذاهب وتيارات وأشخاص، في كل العصور، وفي كل الأمكنة، داخل المذهب وخارجه وهو يلتمس " الأدلة " لها وليس مجرد رصدها، بما تستتبعها من منهجية جديدة بالنحو الذي يضفي على بحثه حيوية لافتة للنظر تجعلك منبهرا ومندهشا حيال قابليته الفذة التي وهبها الله تعالى لفقيهنا الكبير، حتى ليكاد " يتفرد " مع آخرين لا يتجاوزون عدد الأصابع في عصور التاريخ الفقهي.
(كلمة المقدم ٧٧)