حسم الموقف وهذا من نحو تحقيقه اللغوي لعبارة " الكعبين " التي وردت في باب الوضوء، فيما خلص من تحقيقه إلى أن المقصود منهما هو: العظمان في وسط القدم، وليس النابتين في جانبي الساق، كما زعم بعضهم والمؤلف بعد أن يثبت ذلك، يتقدم بالرد على بعض اللغويين ممن فسر ذلك تبعا للمخالف، علق قائلا:
(فما نقلناه عن الإمام الباقر " ع " أولى) مشيرا بذلك إلى ما ورد عنه " ع " من تفسيرهما بما تقدم. ومن الواضح أن مثل هذا الترجيح لقول المشرع الإسلامي يحمل قيمة استدلالية مهمة: ما دام المشرع الإسلامي يملك الحسم في تحديد ما هو مختلف فيه، حتى لو كان ذلك في صعيد اللغة، بالنحو الذي لحظناه.
وهذا فيما يتصل بالكشف: نحويا ومعجميا.
والأمر نفسه فيما يتصل بالكشف: أو التفسير للنص، من خلال لغته " العرفية ".
ويمكن تقديم نموذج - على سبيل الاستشهاد - في هذا الميدان. ففي تفسيره لقوله تعالى:
(إذا ضربتم في الأرض) الواردة في صلاة القصر، رد الذاهبين إلى أن " القصر " يتحقق مع خروج المسافر من منزله، ردهم بأن ذلك يتحقق مع خفاء الجدران، وأن " الضرب في الأرض " لا يتحقق مع الحضور في البلد، فلا بد من التباعد الذي يصدق معه اسم " الضرب ".
فالملاحظ في هذا النمط من أنه قد اعتمد " العرف " في توضيحه لدلالة الضرب في الأرض، كما هو واضح.
هنا يتعين علينا أن نشير إلى المؤلف - في بعض ممارساته - يحمل النص تفسيرا يصعب التسليم به. وهذا من نحو تأويله مثلا - في صعيد اللغة العرفية - لرواية تحدد الحيض بثمانية أيام " من طرف كثرته "، حيث علق عليها قائلا: (الغالب وقوع المتوسط وهو ثمانية أيام أو سبعة أو ستة، فيكون ذلك إشارة إلى بيان أكثر أيامه في الغالب، لا مطلقا). إن هذا التأويل لا يمكن التسليم به، لبداهة أن " الوسط " لا يتحدد في الرقم المذكور، بدليل أن المؤلف نفسه قد ذكر الستة والسبعة أيام أيضا، كما أن " الغالب " لم يتحدد عرفا - في الرقم المذكور نظرا لعدم إمكان " الاستقراء " في ذلك.