ملاحظتها في ردوده على بعض المخالفين ممن ذهب إلى تقدير الماء الكثير بالقلتين، أو بعدم وصول النحاسة إليه، أو تقديره بعشرة أذرع.. إلخ، حيث رد القولين الأخيرين " حركة الماء والتقدير بالأذرع " قائلا:
(والقول بمذهب أبي حنيفة باطل " أي: الحركة " لأنه تقدير غير شرعي، ولأنه مجهول، فإن الحركة قابلة للشدة والضعف. والتقدير بعشرة أذرع مجرد استحسان من غير دليل).
إن أمثلة هذا الرد تتسم بأهمية كبيرة. فبالرغم من رده أدوات: استدلال المخالف " من حيث عدم مشروعيتها " إلا أنه يتعامل - من جانب آخر - مع هذه الأدوات: إما بإبراز فسادها، مثل: القياس قبال النص، أو الاستحسان من غير دليل حيث جاء في أحد تعريفاته مثلا أنه دليل ينقدح في الذهن. وإما بنقضه بنفس الأدلة مثل القياس المعارض بمثله، بالنحو الذي لحظناه في الممارسات المتقدمة.
وهذا كله فيما يتصل بأدوات " رده " على الجمهور.
أما ما يتصل بتعامله مع الخاصة فسنعرض له عند حديثنا عن السمة الاستدلالية في ممارساته.
والآن: بعد ملاحظتنا هذه المرحلة من منهجه المقارن. نتقدم إلى المرحلة الأخيرة، وهي:
6 فرضية النقض أو الإشكال على ردوده:
هذه هي المرحلة أو الخطوة الأخيرة من الخطوات التي ينتهجها المؤلف في منهجه المقارن.
لقد كانت المرحلة السابقة تتمثل في: ردوده على المخالفين، أما الخطوة الأخيرة فتتمثل في: فرضية الإشكال من قبل مخالفيه، حيث يتوقع المؤلف أن يرد مخالفوه على ردوده التي تحدثنا عنها في المرحلة الخامسة من منهجه المقارن. لذلك، فإن المرحلة السادسة التي نعرض لها الآن تكاد تماثل المرحلة الثالثة التي وقفنا عند مستوياتها المتمثلة في: فرضية الرد على أدلته الشخصية. أما هنا فإن " الرد " يتم من خلال ردوده على الآخرين، وليس من