يعمل منه الزيت الذي رأى مالك فيه الزكاة -: هو النبات المسمى عندنا بالأندلس (اللبشتر) (1) وهو نبات صحراوي لا يغترس أصلا.
ولم ير الزكاة في زيت زريعة الكتان، ولا في زيت السمسم، وزيت الجوز، وزيت الهركان وزيت الزنبوج (2) وزيت الضرو، (3) وهذه تؤكل ويوقد بها، وهي زيوت خراسان والعراق وأرض المصامدة وصقلية.
ولا متعلق لقوله في قرآن ولا في سنة صحيحة ولا في رواية سقيمة، ولا من دليل إجماع ولا من قول صاحب ولا من قياس، ولا من عمل أهل المدينة، لان أكثر ما رأى فيه الزكاة ليس يعرف بالمدينة، وما نعرف هذا القول عن أحد قبله، فظهر فساد هذا القول جملة، وبالله تعالى التوفيق.
والعجب كل العجب أن مالكا والشافعي قالا نصا عنهما: إن قول الله تعالى (وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل والزرع مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده) إنما أراد به الزكاة الواجبة!.
قال أبو محمد: فكيف تكون هذه الآية أنزلها الله تعالى في الزكاة عندهما، ثم يسقطان الزكاة عن أكثر ما ذكر الله تعالى فيها باسمه، من الرمان وسائر ما يكون في الجنات؟ وهذا عجب لا نظير له؟.
واحتج بعضهم بأنه إنما أوجب الله تعالى الزكاة فيها فيما يحصد.
فقيل للمالكيين: فمن أين أوجبتم الزكاة في الزيتون وهو عندكم لا يحصد؟.
ويقال للشافعيين: من لكم بأن الحصاد لا يطلق على غير الزرع؟ والله تعالى ذكر منازل الكفار فقال: (منها قائم وحصيد) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: (احصدوهم حصدا.
واما قول أبى يوسف ومحمد فأسقط هذه الأقوال (4) كلها وأشدها تناقضا، لأنهما