وفيهما أن الجمعة بعد الزوال، لان مالكا عن سمى ذكر خمس ساعات، وزاد مجمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة والليث عن سمى عن أبي صالح عن أبي هريرة: ساعة سادسة، وقد ذكر أن بخروج الامام تطوى الصحف، فصح أن خروجه بعد الساعة السادسة وهو أول الزوال ووقت الظهر.
فان قيل: قد رويتم عن سلمة بن الأكوع: (كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنرجع وما نجد للحيطان ظلا نستظل به).
قلنا: نعم، ولم ينف سلمة الظل جملة، وإنما نفى ظلا يستظلون به، وهذا إنما يدل على قصر الخطبة وتعجيل الصلاة في أول الزوال.
وكذلك قول سهل بن سعد: (ما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد صلاة الجمعة) ليس فيه بيان أن ذلك كان قبل الزوال.
وقد روينا عن ابن عباس: خرج علينا عمر حين زالت الشمس فخطب، يعنى للجمعة.
وعن أبي إسحاق السبيعي: شهدت علي بن أبي طالب يصلى الجمعة إذا زالت الشمس.
وفرق مالك بين آخر وقت الجمعة وبين آخر وقت الظهر، على أنه موافق لنا في أن أول وقتها هو أول وقت الظهر، وهذا قول لا دليل على صحته، وإذ هي ظهر اليوم فلا يجوز التفريق بين آخر وقتها من أجل اختلاف الأيام. وبالله تعالى التوفيق.
522 - مسألة - والجمعة إذا صلاها اثنان فصاعدا ركعتان يجهر فيهما بالقراءة. ومن صلاهما وحده صلاهما أربع ركعات يسر فيها كلها، لأنها الظهر، وقد ذكرنا في باب وجوب قصر الصلاة من كتابنا حديث عمر: (صلاة الجمعة ركعتان، وصلاة المسافر ركعتان، تمام غير قصر، على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم) (1).
قال أبو محمد: وذهب بعض الناس إلى أنها ركعتان للفذ وللجماعة بهذا الخبر.
قال على: وهذا خطأ، لان الجمعة اسم اسلامي لليوم، لم يكن في الجاهلية، إنما كان يوم الجمعة يسمى في الجاهلية (العروبة)، فسمى في الاسلام (يوم الجمعة)، لأنه يجتمع فيه للصلاة اسما مأخوذا من الجمع، فلا تكون صلاة الجمعة الا في جماعة والا فليست صلاة جمعة، إنما هي ظهر، والظهر أربع كما قدمنا (2).