أنا ابن جريج أخبرني عطاء قال سمعت جابر بن عبد الله يقول: (قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر فصلى، فبدأ بالصلاة، ثم خطب، فلما فرغ نزل فأتى النساء فذكرهن، وهو يتوكأ على يد بلال، وبلال باسط ثوبه، تلقى فيه النساء صدقة) وقلت لعطاء: أترى حقا على الامام ذلك، يأتيهن ويذكرهن؟ قال: إنه لحق عليهم، ومالهم لا يفعلونه.
وبالسند المذكور إلى مسلم حدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد كلاهما عن عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس قال: شهدت صلاة الفطر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان، فكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب، فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم كأني انظر إليه حين يجلس الرجال بيده، ثم اقبل يشقهم، حتى جاء النساء ومعه بلال (1)، فقال: (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا) فتلا هذه الآية، ثم قال: أنتن على ذلك؟ فقالت امرأة واحدة منهن - لم يجبه غيرها منهن (2) -: نعم يا نبي الله، قال: فتصدقن، فبسط بلال ثوبه، ثم قال: هلم فدا لكن أبى وأمي، فجعلن يلقين الفتخ والخواتم في ثوب بلال).
فهذه آثار متواترة عنه صلى الله عليه وسلم من طريق جابر، وابن عباس وغيرهما بأنه عليه السلام رأى حضور النساء المصلى، وأمر به، فلا وجه لقول غيره إذا خالفه.
ولا متعلق للمخالف إلا رواية عن ابن عمر أنه منعهن، وقد جاء عن ابن عمر خلافها، ولا يجوزان يظن بابن عمر إلا أنه إذ منعهن لم يكن بلغه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذ بلغه رجع إلى الحق كما فعل إذ سب ابنه أشد السب إذ سمعه يقول: نمنع النساء المساجد ليلا.
ولا حجة في أحد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو ادعى امرؤ الاجماع على صحة خروج النساء إلى العيدين وأنه لا يحل منعهن -: لصدق، لأننا لا نشك في أن كل من حضر ذلك من الصحابة رضي الله عنهم أو بلغه ممن لم يحضر -: فقد سلم ورضى وأطاع، والمانع من هذا مخالف للاجماع وللسنة.
546 - مسألة - ونستحب السير إلى العيد على طريق والرجوع على آخر، فإن لم يكن ذلك فلا حرج، لأنه قد روى ذلك من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليست الرواية فيه بالقوية.