ولم يدخل فيه شكا، فصح يقينا انه عليه السلام لم يقله قط.
فان قيل: فقد رويتم من طريق سعيد بن منصور: نا هشيم أنا جويبر عن الضحاك عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل مسجد فيه إمام ومؤذن فالاعتكاف فيه يصلح (1)).
قلنا: هذه سوأة لا يشتغل بها ذو فهم، جويبر هالك، والضحاك ضعيف ولم يدرك حذيفة (2).
وأما قول إبراهيم وأبي حنيفة فخطأ، لان مسجد البيت لا يطلق عليه اسم مسجد، ولا خلاف في جواز بيعه وفى أن يجعل كنيفا.
وقد صح أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اعتكفن في المسجد، وهم يعظمون خلاف الصاحب، ولا مخالف لهن من الصحابة.
فقال بعضهم: إنما كان ذلك لأنهن كن معه عليه السلام.
فقلنا: كذب من قال هذا وافترى بغير علم وأثم.
واحتج أيضا بقول عائشة: لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع النساء لمنعهن المساجد.
وقد ذكرنا في كتاب الصلاة بطلان التعلق بهذا الخبر (3)، وأقرب ذلك بأنه لا يحل ترك ما لم يتركه النبي صلى الله عليه وسلم، ولا المنع مما لم يمنع منه عليه السلام -: لظن أنه لو عاش لتركه ومنع منه، وهذا إحداث شريعة في الدين، أم المؤمنين القائلة هذا لم تر قط منع النساء من المساجد، فظهر فساد قولهم. وبالله تعالى التوفيق.
634 - مسألة - وإذا حاضت المعتكفة أقامت في المسجد كما هي تذكر الله تعالى، وكذلك إذا ولدت، فإنها إن اضطرت إلى الخروج خرجت ثم رجعت إذا قدرت.
لما قد بينا قبل من أن الحائض تدخل المسجد، ولا يجوز منعها منه (4)، إذ لم يأت بالمنع لها منه نص ولا إجماع. وهو قول أبى سليمان.