قال على: وإنما تقصينا الروايات في هذه الأبواب لأننا وجدنا المالكيين والشافعيين قد أخذوا يجربون أنفسهم في دعوى الاجماع على قولهم! بل قد هجم على ذلك كبير من هؤلاء وكبير من هؤلاء فقال أحدهما: لم أجد أحدا قال بأقل من القصر فيما قلنا به، فهو إجماع! وقال الآخر: قولنا هو قول ابن عباس وابن عمر، ولا مخالف لهما من الصحابة! فاحتسبنا الاجر في إزالة ظلمة كذبهما عن المغتر بهما، ولو نورد إلا رواية مشهورة ظاهرة عند العلماء بالنقل، وفي الكتب المتداولة عند صبيان المحدثين فكيف أهل العلم؟ والحمد لله رب العالمين (1).
قال على: أما من قال بتحديد ما يقصر فيه بالسفر من أفق إلى أفق، وحيث يحمل الزاد والمزاد، وفي ستة وتسعين ميلا وفى اثنين وثمانين ميلا، وفي اثنين وسبعين ميلا، وفي ثلاثة وستين ميلا، أو في أحد وستين ميلا، أو ثمانية وأربعين ميلا، أو خمسة وأربعين ميلا، أو أربعين ميلا، أو ستة وثلاثين ميلا -: فمالهم حجة أصلا ولا متعلق، لامن قرآن ولا من سنة صحيحة ولا سقيمة، ولا من اجماع ولا من قياس، ولا من رأي سديد، ولا من قول صاحب لا مخالف له منهم. وما كان هكذا فلا وجه للاشتغال به.
ثم نسأل من حد ما فيه القصر والفطر بشئ من ذلك عن أي ميل هو؟ ثم نحصله